خاطرة "قطرة ندى".. خواطر اجتماعية

إن ما يربطنا نحن البشر هو تلك الخيوط الإنسانية التي تكون همزة وصل بين أرواحنا وعقولنا، التي ما هي في الواقع إلا مفردات وجمل تتشكل لتُكَّوِن كلمة طيبة وبلسم وقعه طيِّب على الأرواح، ولولا ذلك الترابط لما كانت تلك الديمومة، فهو وقودها لتستمر في العيش، ونحن كبشر لا يمكن أن يكون لنا موطئ قدم على هذه البسيطة ونستمر فيها بدون تواصلنا مع بعضنا البعض، ترابط ينتج عنه ذلك الإلتحام الذي يُبْقِي على استمرارية العلاقات.

إن التواصل هو من الحاجات الفطرية التي يحتاجها الإنسان، فلا يمكن للحياة أن تستمر بدون اتصال الإنسان مع أخيه الإنسان بعلاقات تمكِّنه من تبادل المعلومات والخبرات، وحتى مشاعر وقناعات بوسائل لفظية أو غير لفظية.

لكن ما يهمنا اليوم هو ذلك التواصل اللفظي والذي نقصد به الاتصال الهادئ وحتى الصاخب، فهما يؤديان نفس الوظيفة وهي خلق تلك العلاقة بين الأفراد سواء كانت تجاذب أو تنافر.

ولأن التواصل لا يخلو من المشاعر فإنها حتمًا ستكون بأطياف عدَّة من محبة وغضب وحتى كره، بالرغم من عديد التحفظات التي تحضرني الآن وهي حول مشاعر الكره، لأني أعتقد أنه لا يوجد كره بقدر ما هو جلد للذات وإحساس بالازدراء، ومنها تتشكل أحاسيس تُتَرْجَم إلى ما يسمى بالبُغض، لكن الحقيقة هو أن الشخص يضر بنفسه عندما يُخْرِجُ تلك الطاقة غير الجيدة أكثر مما يحاول إيصال للآخر أنه يمقته.

إن ما نراه يوميًا من ظواهر سلبية خصوصًا في أماكن العمل المُغْلَقَة وهي البيئة الخصبة لذلك من تراكم السموم وأعني بذلك حَرْفِيًا لأن ما تفرزه هذه الأماكن من مضار على الصحة الجسدية والنفسية ما يعجز عنه الكثير من علاجه من استدراكه، والحد من زحفه لنفوس وأجساد من كانوا ضحية لهذه الآفة التي تستدعي تضافر جميع الجهود للحدِّ منها ولما لا القضاء عليها.

إن مهمة من تضطره الظروف إلى معايشة هذه الظواهر السلبية هي أن يكون متيقضًا لكل ما يعيقه من إكمال عمله في بيئة جيدة وصحية، وعليه فإن الظروف المُسَاعِدَةُ على ذلك تجعل من عمله سلسًا، فيخرج في صورة كاملة ومتناسقة.

وبالمقابل فإن الأماكن خاصة المفتوحة منها تكون تلك السموم الروحية أقل حدة، ومع ذلك هذا لا يمنع من أن يتضرر البعض منها لأنها فعلاً كإشتعال النار في الهشيم، لأنك لا تدري من أين وكيف تشتعل الشرارة.

إن المتمعن جيدًا ومن ينظر من زاوية مغايرة نراه يقف على حقيقة واحدة، وهي أن سبب تلك المشاحنات وتلك الطاقة السلبية تتأتى من اللغة التي يعتمدها المرء وتلك الكلمات التي يوظفها، التي تكون أحيانًا في غير موضعها، وحتى الطريقة التي يعتمد عليها المرء في إيصال الفكرة.

إن المؤمن الحقيقي هو من يتتبع سير الأولين وسيرة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام في لغة الحديث، التي كانت من أرقى المحاورات والأحاديث.

حقيقة ديننا ذو المنهج القويم لم يترك شاردة ولا واردة إلا وأعطى لنا تلك النماذج والتعاليم السمحة لترشدنا إلى علاقات ناجحة.

وعليه فإن الكلمة الطيبة هي من تجعل العلاقات الإنسانية ذات معنى إذا كانت تحمل من المودة والاحترام ما تحمله، لكي تدوم وتستمر وتزدهر، أما العكس فإنها تذهب بتلك العلاقات نحو المجهول، فهي كقطرة ندى سقطت على زهرة استيقظت لتوِّ إليها فيزداد عبيرها انتشارًا وهذا هو المقصد.

"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" (159) سورة آل عمران .

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

الكلمة الطيبة كقطرة ندى....تشبيه في غاية الروعة...احسنت النشر...دمت لنا
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة