ما أن تركب قطار الحياة مستهلًا دخولك بتلك الصرخات الصغيرة المتتابعة حتى تبدأ رحلتك..
في بدايتها تكون راكبًا محبوبًا تبعث البهجة والسعادة فيمن حولك وخاصة والديك وأخوتك.
يتطلع المقربون بفضول إليك أيها الراكب الجديد، فيرقبون كل تطور فيها، وقد تقام الأفراح لكونك خطوت خطواتك الأولى أو نطقت بكلمة "بابا".
ستقوم مناوشات معلنة لمحاولة اجتذابك لإغاظة البقية، غير أن ولاءك لن يتزحزح عن صانعة السعادة لك التي ارتبطت بها منذ ميلادك.
سيكون العالم الخارجي مزعجًا لك بعض الشيء عندما تخرج في مراتك الأولى، ستتشبث بأمك خوفًا من الغرباء، ولكنك مع تكرار الأمر ستطمئن إلى بعض الوجوه.
قد تكوِّن صداقات عابرة مع من هم في سنك من المقربين من الجيران أو الأقارب، ولكن ستنتهي تلك اللقاءات حتماً ببكاء أحد الطرفين أو كلاهما اعتراضاً على تصرف أو نزاعًا على دمية مفضلة لكلاكما.
عند التحاقك بالروضة ستكون الأيام الأولى صعبة، غير أنك سرعان ما ستتأقلم وتكوِّن صداقات يربطها حب الأقلام الملونة واللعب بالصلصال.
عند دخول المدرسة ستكون قد قطعت شوطًا لا بأس به من التعامل مع الآخرين، وحددت طريقة معاملتك، إما أن تكون هادئاً وديعاً أو مشاكساً تفرض رأيك بالقوة أحياناً أو قليلاً من هذا وذاك.
عندما تصل للمرحلة المتوسطة ستتشكل اهتماماتك وشخصيتك الصغيرة، وستكون لك دائرة خاصة من الأصدقاء الذين يشبهونك إلى حد ما.
في المرحلة الثانوية ستبدأ بالاهتمام بصورة مبالغة في مظهرك رغبة منك في إثبات ذاتك ولفت الانتباه، ستميل لكل شيء مثالي وتقوم بثوراتك الداخلية وعصيانك لمسلمات يألفها من حولك غير أن نفسك الثائرة ستأبى الانسياق وتعلن التمرد من وقت لآخر.
في المرحلة الجامعية ستحظى برؤية أوضح وفهم طفيف لما يدور حولك، وستكون نفسك الثائرة قد هدأت قليلاً.
ربما تبحث عن العواطف وتألف أحدهم، وربما تكون قد فعلت ذلك مسبقاً أو قد لا يشغلك الأمر في هذا التوقيت.
بعد الثلاثين ستبدأ مرحلة البناء والتخطيط ليس لمدى قريب وإنما ستضع خططًا طويلة المدى.
بعد الأربعين ستبدأ نفسك بالسكينة والهدوء، سترى الدنيا أعمق وأوضح، وستفهم الآخرين بشكل أعمق.
بعد الخمسين تبدأ مرحلة الحصاد لكل تلك المراحل السابقة وبعد الستين ستميل للحكمة والصراحة والرضا عن كل من حولك ومحاولة تصحيح مسار الشباب، ولكن بطريقة ناعمة ستجعل منك الشخص المفصل للصغار والمراهقين على حد سواء.
بعد السبعين ستميل للعزلة والتأمل وتكثر من الاطمئنان على أحبتك، سيتخلى قلبك عن أي ضغينة أو منازعات داخلية، ولكن قد يكون هناك حبًا قد رافقك كل تلك المراحل، وما زال موجوداً، ستفتح خزينة الذكرى بين الفينة والأخرى لترتسم البسمة على شفتيك.
هذا هو القطار الذي ركبته فلتسعد بكل ما فيه، ولتكن راكبًا يمنح السعادة والبهجة للآخرين.
يناير 11, 2023, 7:58 م
كلامك اكثر من رائع فيه مصداقية وواقعية
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.