مصطفى ضياء سبتمبر 10, 2023, 6:27 م

خاطرة "قتلت نفسي".. خواطر وجدانية

قتلت نفسي لكي أعيش، تخلصت من حياتي من أجل أن أعيش.. لقد أنهيتها، بثلاث طلقات في رأسي، تصوَّر ألا تموت من الطلقة الأولى ولا الثانية وأن تبقى حيًا حتى الثالثة ثم تموت..

لم يسمع أحد بجواري صوت الطلقات، لذا لم يعرف أحد أني ميت..

خرجت من حياتي ودخلت في عيشتهم أتجول، توقفت نفسي عن الشعور منهم، وبهم، أو حتى لهم، كل الطبيعة حولي تنظر إليَّ، تريد أن تنطق لتفضح أمري، كأنها تقول: عُد أيها الميت، فقدت حياتك، ولم يعد لك بين الأحياء مكان إن كل من يحيا يعيش، لكن ليس كل من يعيش حيًّا، أعد جسدك إلى الطين ونفسك إلى الهواء الطلق وروحك إلى ربك، أنت بلا حياة أنت ميت..

فأختبئ أنا هاربًا من الطبيعة بين البشر، أولئك الذين كنت قبل فقد حياتي أختبئ منهم بين تلك الطبيعة وألجأ إليها لتحيا روحي ويهدأ عقلي وتستقر نفسي.

أذهب إلى العمل، أنجز مهامي، لا أتنازع ولا أرفض أو اقبل، انظر بعيوني في أعينهم، فلا أرى أي شيء يدل على الحياة بداخلها، يقولون له ما بال عينيك؟ ألا تنامان!

يتساءلون عن شحوبي، وعن سبب هدوئي، ويدعون على السكينة، ويتمنون أن لهم مثلها..

في البيت يستنكرون على أني أهيم كشبح بين الغرفة والشرفة، لا أطلب الطعام أو أبحث عنه، لا أنام ولا أفيق، فيظنون بي الظنون..

أصدقائي يتعجبون من صمتي، وإني أجتمع بهم الآن كثيرًا، وقبلا ما كنت أهتم..

صديقتي تحيرت من أمر هدوئي، وتقبلي لسذاجتها البريئة، وحتى حيرتها بين أمرين متوافقين..

وأنا صوتي الداخلي يهتف بهم جميعًا، أيها السادة الأغبياء العُميان، أنا ميت أنا بلا حياة مثلكم، أعيش فقط..

فتقدموا إليَّ وقدموا لي كل حقوق الميت، أعيدوني للطبيعة، ألا تروا أني لست على قيد الحياة؟

الآن عرفت أنكم أموات مثلي تعيشون بلا حياة، أنتم أموات مثلي، وأنا ميت مثلكم، مجرد أننا نعيش، فإذا نظرتم إلى أنفسكم ستجدون أننا نعيش بلا حياة.

أنتم الاموات من قبل، وأنا كنت بينكم أحيا وبعد الثلاث الطلقات في رأسي أصبحت مثلكم ميتًا.

بقلم مصطفى ضياء

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

ليلى أحمد حسن مقبول

سبتمبر 14, 2023, 6:13 ص

قوة فعلاً كلامك من ثلاث طلقات الرصاص أصابني وادهلني ...كلاماتك راقيه

أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة