خاطرة «في عالم المشمش».. خواطر وجدانية

من ذلك الحين وأنا أترقب، أترقب هدوءًا يعمر ساعات نهاري، أما الليل، ذلك الجحيم المسعر بالذكريات وحطام الأيام فلست أدري أي دواء يداويه.

ليلة هادئة كالبارحة، صافية من ضجيج الأصدقاء، خالية من الآلام، أنتظر انتظار المولع المتلهف لتلك المهاتفات المحببة إلى قلبي، ذلك المسكين الذي لا يعلم أنها النار التي ستحرقه، تلك المكالمة التي رسمت مسار حياتي خطوة خطوة، بكل تفصيلاتها، أي سحر هذا؟ أطلق عليها ما تشاء من الأسماء: سحر، أو دجل، أو شعوذة، أو غيرها، لكن المسمى واحد وهو ما حدث.

لا أعلم حتى لحظتي هذه من الذي حادثني، ولن أعلم، ولا أحد يعلم، قد يكون ماردًا من الجن، أو عفريتًا، أو عقلها الباطن، لعله يراني الآن وأنا أكتب تلك الكلمات، ولعله يعرف ما أخطه ويفهمه، أخشى ألا تعجبه عباراتي وألا تروقه تشبيهاتي، لقد حادثني كثيرًا، ويعلم تمام العلم من أنا، فهو يحبني لأننا أعداء مقربون.

خمس وخمسون دقيقة، ظاهرها فيه الرحمة، وباطنها من قبله العذاب، خمس وخمسون دقيقة رأيت فيها مستقبلي كيف سيكون، رأيت فيها حطام سفينتي ولم أعلم أنه حطام، رأيتها وهي تبحر بسلام إلى أن أخفتها الأمواج، لكن الحقيقة أنها اختفت إلى الأبد، الحقيقة أن البحر ابتلعها ومزقت القروش أمعاءها، رأيت الأمنيات تتحقق واحدة تلو الأخرى، سعادة غامرة أن ما أحبه سأناله عما قريب، لكن الأمر ليس كذلك.

لما غابت عن الوعي، وتثلج جسمها، وهي حية تتنفس، عيناها متسعتان تحدقان صوب عيني، بارزتان تكادان تخرجان من محجريهما أو خرجتا، وجه مرعب شاحب، نظرات قاسية، أما الصوت فهو الحبيب الهامس، طفل يتأتئ وينادي أمه في أول نطقه، حينها بدأ يسرد علي حكاياته وأسراره التي تنتظرني، ابتسامة عريضة ملأت وجهي، فرحة عارمة حين نطق باسمي ثم نطق بأمنيتي، وأنا أردد:

- أمتأكد أنت.

يكرر الحكاية مرة أخرى، ثم يرسم تفاصيلها بكل دقة كأنه رآها، فهو حكّاء بارع وقاص متمكن، دار بيننا حديث طويل عرفت فيه كل شيء، فلك أن تتخيل عزيزي أن تحين لك فرصة لتعرف ما ينتظرك في الغد، حينها عما ستسأل؟

أعلم -عزيزي- ما يساورك الآن من أفكار وأحكام، ألم تحكم علي بالجنون؟ ألم تقل إنه ضرب من الخيال؟ تلك قصة من وحي كاتب ما فتئ يكتب عن القصص الخيالية، أو لعله نهج جديد انتهجه لجذب القراء، حاشا -عزيزي- وكلا.

بعد ذلك رأيت الأحلام تتحقق، ما دلني عليه من علامات وجدتها، لقد ظهرت واحدة تلو الأخرى في تسلسل محكم، عجبًا لأمره كيف عرف؟ وممن؟ لكن الأجمل أن ما كنت أصبو إليه اقترب، لا يهم كيف عرف، الأهم أنني سأنتصر، لكن في عالم المشمش.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة