أتذكرُ ذلك اليوم كأنه بالأمس، على الرغم من مرور سنوات طويلة على ما حدث لي منذ حوالي خمسة عشر عامًا. كنتُ شابًا طموحًا، أحبُّ المغامرة واستكشاف الأماكن البعيدة. قررت ذات يوم أن أقطع الجبال سيرًا على الأقدام، متسلحًا بحقيبة ظهر خفيفة وقلب مملوء بالأمل.
بعد أيام من المشي، وجدتُ نفسي في وادٍ ضيق وعميق، كان الجمال يحيط بي من كل جانب. أشجار الصنوبر الشاهقة كانت تحجب أشعة الشمس، ما يخلق ظلالًا طويلة وباردة. كان صوت النهر يتردد في أذني كأنما يهمس لي قصةً قديمة. شعرتُ براحة غريبة وأنا أسير بجانب هذا النهر الصافي، وكأن الطبيعة تحتضنني.
لكن هذا الشعور بالسلام لم يدم طويلًا. فجأة، وجدتُ نفسي محاصرًا بين جبال شاهقة. لم أكن أدرك أنني دخلت ممرًا ضيقًا لا يمكن العودة منه. شعرتُ بالذعر والخوف يلفَّاني. نظرت إلى الأعلى فوجدتُ السماء كأنها نقطة صغيرة وسط هذه الجبال الشاهقة، وشعرتُ بصغر حجمي وضعفي أمام الطبيعة.
"ماذا أفعل الآن؟" تساءلت في نفسي بصوت مبحوح. حاولتُ جاهدًا العثور على مخرج، لكن كل محاولاتي باءت بالفشل. بدأت أشعر بالجوع والعطش، وتساءلت: "هل أموت هنا وحيدًا؟"
في تلك اللحظة، سمعت صوتًا خافتًا، التفتُّ فوجدت كلبًا ضالًا ينظر إليَّ بعينين حزينتين. كان نحيفًا وجائعًا، لكنه بدا وديعًا. أطعمته بعض الطعام الذي كان معي، وسرعان ما أصبح صديقي المخلص. سمَّيته "صديق".
أيام وشهور مرت وأنا أعيش في هذا الوادي المنسي. كان صديقي بجانبي دائمًا، يشاركني وحدتي ويمنحني القوة للاستمرار. كنتُ أقضي وقتي في مراقبة النجوم في الليل، وفي التفكير في حياتي وأحلامي. كنتُ أتحدث إلى صديق وكأنني أتحدث إلى إنسان، أروي له كل ما يدور في داخلي.
"صديق، هل تعتقد أننا سنخرج من هنا؟" كنت أسأله وهو ينظر إليَّ بعينيه اللامعتين.
كان يجلس بجانبي، يميل رأسه على كتفي، وكأنه يفهم كل كلمة أقولها.
أحيانًا كنتُ أشعر باليأس، أتساءل لماذا حدث لي هذا؟ لكن سرعان ما أستعيد توازني وأتذكر أن الحياة مملوءة بالمفاجآت. وفي لحظة من اللحظات، سمعت صوت طائرة هليكوبتر في الأفق. هتفت بكل ما أوتيت من قوة، وبدأت ألوِّح بقطعة قماش بيضاء. لحسن الحظ، سمع الطيار صراخي وهبط بالقرب مني.
عندما خرجت من ذلك الوادي، شعرت وكأنني وُلِدت من جديد. لقد تغيرت نظرتي للحياة، وأصبحت أكثر تقديرًا للأشياء البسيطة. وأدركت أنه حتى في أصعب الظروف، يمكن للإنسان أن يجد القوة في داخله للتغلب على الصعاب.
واليوم، وأنا أروي لكم هذه القصة، أشعر بالامتنان لكل لحظة عشتها في ذلك الوادي، فقد علمتني الكثير عن الحياة والصبر والقوة الداخلية. وأنا ممتن لـ"صديق"، الكلب الوفي الذي كان رفيقي في تلك التجربة الصعبة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.