لا يكفي التباهي بجمع الكتب دون أن يصاحب ذلك انتفاع بها بالقراءة والمطالعة..
ما الفائدة من اقتناء الكتب وتكوين مكتبة ضخمة إذا كنت لا تقرأ؟
ليست الغاية حشد أكبر كمية من الكتب والزهو بذلك أمام الجميع أو مجرد تكديس الكتب على الرفوف، حتى ليخيل للمرء أنه أمام مكتبة مثقف من طراز نيتشه أو برتراند راسل أو عباس العقاد.
اقتنِ من الكتب ما تحتاج إليه وما يناسبك وما يفيدك. وهنا أتكلم عن القارئ العادي وليس المتخصص.
فحتمًا لست بحاجة إلى كتاب الروض المربع بشرح زاد المستقنع في مكتبتك، فهذا كتاب فقهي بحت لطلبة العلم الحنابلة.
أيضًا كتاب شمس المعارف لا يناسبك بتاتًا البتة؛ لكونه كتاب سحر وشعوذة وهراء.
ولست بحاجة كونك قارئًا تصنف من القراء الهواة لكتاب (اللا منتمي) لكولن ولسون، فهذا كتاب فلسفي سيصيبك بالصداع ولن تفهم منه كلمة واحدة.
فليست كل قراءة مفيدة، وليس كل من يتصفح كتاب ينتفع به.
ابحث عن الكتاب القيم.. ثمة كتاب إضافة لعقلك قبل مكتبتك، وثمة كتاب لا تجني من ورائه شيئًا، تستطيع أن تقول عنه صفر فائدة وصفر متعة.
افترض لدينا اثنان من القراء، الأول يقرأ كتاب فيض الخاطر لأحمد أمين، والثاني يقرأ كتاب تنبؤات نوستراداموس. ماذا سيجنيان؟
الأول سيطلع على طيف واسع من الكتابات في الشأن الاجتماعي والثقافي والفكري والتاريخي والأدبي.. أيضًا يعد الكتاب بمنزلة توثيق للحياة في مصر في النصف الأول من القرن العشرين.. سيتعلم من فيض الخاطر كيف يرتب أفكاره، وكيف يكتب مقالة، وسيتعلم النحو والإملاء والبلاغة والفصاحة والأساليب في الكتابة، وسيكون محتاجًا لكراسة ليسجل فيها سيلًا من المعلومات والموضوعات في التاريخ والثقافة واللغة والأدب والفكر... إلخ.. سيتعرف على عدد من الشخصيات أبو ذر الغفاري الأحنف بن قيس جمال الدين الأفغاني رفاعة الطهطاوي... إلخ.
والثاني سيطلع على آلاف النبوءات جمعها العراف الفرنسي نوستراداموس، وسيزرع في عقله نظرية المؤامرة، وسيؤمن بالتنجيم.. الكتاب ضار ومضيعة للوقت وكلام فارغ والمستقبل لا يعلمه إلا الله، وكما قيل: «كذب المنجمون ولو صدقوا».
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.