ما الذي أسمعه؟
يا له من صوت رقيق، وكأنه القلب يدق في سلطنة ونغم، ترى أهو القلب حقًّا؟
نعم نعم، إنه هو، هو القلب..
ما بك يا قلبي؟
أشم رائحة عطرك وكأنك بستان ورد في حديقة عمري، والآن تدق بأنغام رقيقة..
أنسيتِ يا روح؟ وماذا نسيت يا قلب؟
يا روح، أنسيتِ؟ قلتِ ماذا؟
ذكرني.. أنسيتِ طبيبي وطبيبك يا روح؟
طبيب القلب وطبيب الروح الذي سكن الخيال سنوات طوال، الذي نسجتِ من حروفه ثوب حب للعاشقين، أيا قلب وكيف أنسى؟
وهو للخيال مرسى، وكيف أنسى وهو الخيال والخيَال فارس الأحلام في خيالي، وكيف أنسى وهو الفيَاض لآمال ففاضت عيني بالدموع شوقًا..
فقد غابت الروح عن عالم الواقع وباتت الروح في كوكب طبيب الروح والقلب الذي كانت الحروف تبني كوكبي بها حرفًا حرفًا فكانت الحروف أشد رقة من الحياة التي كانت تفيض منها الكرب، وكانت الحروف أشد صلابة من الحجارة..
كانت تحمينا من نفوس قاسية كانت تلقي بنا من قسوة هذه النفوس إلى الهلاك، فكنا نختبئ أنا وأنت يا قلب في خيالي وكوكبي الذي صنع من خيال أرق من النسيم..
فتنفس الخيال بعد طول غياب وخرج من أنفاسه طيب أطيب من عطر الورد، وأرق من ورقه، وأندى من ندى الورد على غصونه تنفس الخيال، وقال:
أهلكت قلبي في هواك وما زلت تهلكه
فهلاك قلبي راحتي ما دمت أنت تملكه
إني عشقت عذابي في هواك إنْ كنت تعشقه
ولا أقول رحماك ما دمت عدت لخيالي تباركه
فحبي يكفيني وإنْ كنت لا تدري
أسكنتك في عيني وقتلني شوقي
ففاضت عيني بدموع سنوات الفراق
وكانت لتجدد نبت الحب والأشواق
ثم أفقتُ على صوت..
صوت الحياة وصخبها، رغم أني أحب الحياة بصخبها ولكنها حياة فيها ما يشوه قلبها من نفوس لا تعرف النور، ولا تسعى لتنير لنفسها أو لغيرها الطريق..
ورغم هذا فهي كما فيها هذه النفوس فيها كذلك زينة مشروعة زينة الحياة الدنيا من أسرة كريمة وأبناء وقلوب لا تعرف الظلام أبدًا..
هذه الحياة نور وظلام، ولكن قبل أنْ أسعى إلى حياتي واستأذن من الخيال لأغادره حتى ألقاه، سمعت همسًا رقيقًا سمعت:
سمعت القلب يهمس للدموع حسدًا
على دمعٍ يفيض بالأشواق نهرًا
ليطرح من ريِّ الدموع وردًا
ورد حبٍ يفوح على العشاق عطرًا
فكيف أقول يا قلبي غير عجب
أتغار يا قلبي من دموع فاضت
قد كنت أظن يومًا أن دموعي ماتت
واليوم بعد أنْ عاد الخيال لي راقت
فقد كانت تمطر سيل نغم
ففيضها يا قلبي أحيا لي أملًا
ألا تعلم يا قلبي أن بريق العين من تلك الدموع
ألا تعلم أن خيالي يسكن في الضلوع
دعني يا قلبي يا من تحسدني وعلى الروح مهلًا
سلام لك وتحياتي للخيال وعودته
ولنا لقاء نستزيد بالخيال محبة
اقرأ أيضًا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.