حين تمطر السماء في عمان يختلج ويختلط شعوري، لم أعد أدري وقتها أأنظر إلى تطورها الجميل أو أنظر إلى تاريخها القديم الأصيل. عمان تجمعني وتشملني وتجمع لي ما أريد وما لا أريد، لا أنا فيها مقيمًا فأنصت، ولا أنا مفارقًا فأثبت.
اقرأ أيضًا: خاطرة «مجهول هوية».. خواطر وجدانية
لم يتغير شيء في هذه المدينة، وما زالت تلك الشوارع كما عهدتها منذ حقبة من الزمن، حتى إنها لا تزال تحافظ على رونقها التاريخي، وتزيد على التاريخ الحضارة والتطور، لا سيما أنها تعج بأزمات المرور وضعف بالحضور والشعور، لكن كلما نزل المطر في عمان ترسم سماؤها قوس قزح وتخضرُّ أرضها وشوارعها، وتزهر ألوان الحياة في عيون ساكنيها..
تورد قلاعها وساحتها القديمة والمسجد العتيق
أرصفة الطرقات تورد ويأتي على غفلة فصل الربيع
تتملكني أصالتها وجسورها المعلقة وتلك الجبال السبع
عمان يا حورية بين المدائن يتعبني في حبك النسيان
جمال حضورك يجذبني.. أجراس الكنائس وصوت الأذان
الشوارع الضيقة.. إشارات المرور تجذبني وإذاعة القرآن
سماؤك الصافية والطقس المتقلب يزيدني فيكِ هيمان
يا قبلة الحرف وأمان الخوف وبيت التائهين
يا صبر النفس وأمل الغد والأمس يا طريق السالكين
وغصن الزيتون وجذر الأقحوان
يا شجر الليمون وثمر التين وعطر الريحان
يا جميلة يا أميرة يا ساحرة العين وعشق الزمان
رائحة المطر في عمان دائما تذكرني بدمشق وشوارعها وحواريها، صحيح أنني لست جزءًا من تلك المدينة لكنها تبقى هي جزئي وجميع أجزائي، حتى إن البرد في سماء دمشق يمطر على قلبي دفئًا وكأنها تحادثني وتحدثني عما يدور من أحاسيس في خواطري، ليست هي أعلم مني بحالي ولا بإحساسي، لكن الذي تخفيه القلوب تظهره العيون، فليس فيها ما يُحكى ولا يُكتب، لكن حب المدن وحب النساء قد يتشابه، إن تلك المدينة هي الحبيبة التي لا يمكن أن تخون، إن أعطتنا الإحساس فلها كل الإحساس، وإن لمسناها حجارة وتربة فقد ملكت فينا الإحساس وأيضًا الحواس.
قد أرى في عيوني ياسمينها يُزهر في كل فصل يأتي، وإني لأراها في كل يوم يأتي، غير أني أنا الذي لا آتي، تسكنني بيوتها ومآذنها وأشجارها وأحجارها، وحتى أرصفة الطرقات وذاك الأسفلت الأسود، صحيح أني لا أستطيع الذهاب إليك إلا حلمًا، وصحيح أنك لا تفارقيني لا حلمًا ولا يقظة، فقد تخطرين ببالي شعورًا لا يوصف، وحضورًا لا يوصف.
فاعذريني إن كنت أقول فيكِ كلامًا لا يقال، ولقاءً لا يطال
إن كان لك ربيع إحساسي فلك أيضًا صيفهُ وشتاؤهُ وخريفه
وشيب الرأس ونبض القلب ونصيبه
لا أطلبُ منكِ أن تَقبَليني، ولا أطلب أن تُقبّليني، كل ما أطلبه عزيزتي أن تبادليني الشعور، أن تبادليني الشعور.
أبدعت وصح قلمك
كم هى جميلة مدينة العشاق
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.