خاطرة «علاقة في الميكروويف».. خواطر اجتماعية

منذ أعوام كنا إذا أردنا أن نطبخ دجاجة -على سبيل المثال- كنا نحضرها من بين دجاج من فوق السطح، ونذبحها وننظفها، ونغسلها ونتبلها، ويمكن أن ننتظرها في التتبيلة نحو 12 ساعة، ثم ندخلها الفرن، وتأخذ ساعة في السواء، ثم نأكلها. أما الآن فنحن نحضرها من المتجر متبلة جاهزة ثم ندخلها الميكروويف مدة 15 دقيقة ثم نأكلها. أو نحضر دجاجة طازجة من بائع الدجاج وننظفها جيدًا ونضعها في التتبيلة ونضعها في كيس التسوية ثم نضعها في الفرن مدة نصف ساعة.

الدجاجة هنا هي العلاقة. فمنذ أعوام كانت العلاقة صعبة، فتجد شابًّا وشابة ينجذبان في البداية إلى بعضهما بعضًا، ثم يبدآن في مرحلة التعارف ثم الخطوبة ثم الزواج. أما الآن فنجد العلاقة بين طرفين تحدث في يومين على الأكثر، فترى الفتاة اسم شخص وتتصفح صفحته على وسائل التواصل الاجتماعي، ثم ترسل له رسالة أنها معجبة به، ويرد عليها بأنه يشعر الشعور ذاته، فخطوبة وزواج وما بينهما. أو يقابل الشاب الفتاة بطريقة أو بأخرى ويبنيان علاقة صداقة لا تزيد على شهر، ثم يشعران بانجذاب، ثم خطوبة وزواج وما بينهما.

أشعر وكأن علاقات اليوم تدخل الميكروويف وتخرج صالحة للأكل بعد ربع ساعة، كل ما عليك هو إحضارها من المتجر. أما العلاقات المملة الطويلة اليوم فهي التي تحضرها وتنتظر عليها وقتًا ثم تدخلها الفرن وتنتظر وقتًا حتى تنضج.

العلاقات اليوم لا تستغرق وقتًا وتنتهي بالزواج السريع

ولكن السؤال هنا: هل هذا بسبب السوشيال ميديا، وأن التعارف على شخص آخر أصبح أسهل من إحضار كوب ماء؟

أم هل بسبب الجهل بطبيعة الزواج، وأنك إذا تزوجت بشخص ما فعليك العيش معه بكل ما به وتقبله وتكوين أسرة بها أطفال، وتتعرض لعواصف وبراكين وزلازل متعددة؟

أم هل بسبب ضغط المجتمع على ضرورة وجود شريك العمر والزواج؟

أم هل بسبب عصر المطلقين والمطلقات والعوانس والمساكنة؟

أم هل بسبب الإعلام ونشره قصص الحب الوهمية، وجعل الرجل والمرأة يشعران أنهما بحاجة لعيش قصة حب ولو وهمية؟

لا شك أن مفاهيمنا تغيَّرت كثيرًا عما قبل، ولا شك أننا نتعرض لضغط نفسي كبير بسبب المجتمع، وضغط نفسي أيضًا بسبب انتشار قصص الحب الخيالية التي نشاهدها عبر كل شيء يحيط بنا.

ولكن بسبب المشكلات النفسية المنتشرة كانتشار النار في الهشيم، نشعر بأننا بحاجة لمن يسد احتياجاتنا النفسية والعاطفية والجسدية، فأي شخص الآن يشعر بأنه بحاجة إلى شريك معه يسد احتياجاته وكفى. فهو معرض طوال اليوم وخلال سبعة أيام أسبوعيًّا إلى إيحاءات وتلميحات وتهيج رغبات وغرائز تُشعره بأنه بحاجة إلى أي شخص.

ولكن اعلم أنك إذا كنت تريد الزواج فاستخدم طريقة الفرن لا الميكروويف. فتابع هذا الشخص وتحدَّث معه في شتى أنحاء الحياة بعدما تكون قد تعلمت عن نفسك ونوع شخصيتك وما احتياجاتك وما نقاط قوتك، ثم اختر شريك حياة مناسبًا لسد هذه الاحتياجات، ومن ثم تقدم لخطبته ثم قررا الزواج، وأن بالزواج يكون بداية حياة قوية منتجة ومشبعة للعقل والنفس والروح والغريزة الإنسانية، حتى يتحقق بفضل هذا الزواج هدفه من الأساس وهو (السكن).

واعلم أنه ليس بالضرورة إذا وجدت شخصًا ما، وحدث بينكما إعجاب، أنكما تصلحان للزواج، ولكن ما الزواج إلا معادلة؛ وهي: احتياجات + إشباعات = زواج مستمر وناجح (سكن).

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

مقال رائع جدا ... وواقعي بالفعل العلاقات المبنية على وسائل التواصل غالبا ماتكون كاذبة .. الشخص الذي نعجب به و تمر معه الايام بحلوها ومرها والمواقف تثبت صدق الشخص من عدمه ... معك بالمعادلة المذكورة ...
مبدعة صديقتي مبدعة
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

اشكر حضرتك شكرا جزيلا على هذا التعليق ❤️
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

لا شكر على واجب .. المبدع مبدع
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة