بداية، هذا هو عصر الهموم والأحزان.. من منا لا يشتكي من هذا البلاء الفتَّاك؟ أو حتى لم يتعرض لهذا الوحش الدامي؟ فكل إنسان قد ابتُلي بهذا السفاح القاتل الذي أمرض النفس قبل العقل، وأمرض القلب قبل الصدر.
أجل يا سادة، الحزن هو مرض نفسي شديد الخطر تتفاقم أعراضه لتكوِّن أورامًا تفتك بالروح، فتقلبها، وترعد الذهن فتزلزله. هو ألم شديد، إن أصاب النفس قتلها، وإن لمسها عكر مزاجها وجعل ظروفها تسوء أكثر فأكثر. وهو الألم الذي يوصف بالشعور البائس الذي يثير فيك اليأس والعجز. وإن تضخم في روحك سيحرقها رويدًا رويدًا بألسنة النار التي تغمرك، فتتدفق شلالات الألم لتقهرك.
غالبًا ما كان يُعد الدمع مطفأة للعين، وهذا صحيح نوعًا ما، فالدموع تستطيع تخفيف الحزن لكنها أبدًا لا تستطيع أن تزيحه تمامًا؛ لما يحمله معه من لهب عميق يعتصر كل كيانك، فالنار التي تكون في جسدك لا تنطفئ، ولن تنطفئ، ولا تظن أن بسكب الدمع ستتخلص من خلاياه، لا، فأنت مخطئ يا عزيزي. فالدموع تولد الآلام، والآلام تولد الهموم والغموم.
تلك المشاعر التي تجتاح القلب وتعبره بالمآسي تزيد الكآبة في النفس؛ لذلك وجب علينا مقاومتها وحماية أنفسنا منها؛ فهي طالما كانت من مخلفات ذلك الحزن، ذلك المخلوق السادي العنيف. ومن المؤكد أن هذه المشاعر الحزينة تكون في الغالب مشاعر سلبية لا إيجابية. فعندما يشعر بها الإنسان، يصبح هادئًا، قليل الكلام، باردًا، كتومًا، دائم البكاء، انفعاليًّا عاطفيًّا، وانطوائيًّا أيضًا.
الحزن يا إخوتي هو أسوأ ما يمكن أن يعيشه الإنسان في حياته، آمل ألا تجربوه لأنه موت بطيء، فعندما يصيب الإنسان، يتورط به ولا يستطيع الفرار منه، فهو كمن حكم عليهم بالإعدام. وهو سرطان خبيث يفتك بجسد الإنسان ببطء شديد، يعذبه بأسلوب قاسٍ جدًّا.
فمن ابتلاه الله بالحزن، ليكن الله في عونه؛ لأنه وباء فتاك وحقير يتسرب للجسد فينهشه، ويتسرب لخلايا الروح فيدنسها، ويلوثها بشظاياه. وأتمنى أن يحفظنا الله من سيطرته وهيمنته على القلوب والنفوس على حد سواء.
وفي الأخير، أود أن أقدم لكم هذا الدعاء الذي أتمنى أن تحفظوه في عقولكم كما أحفظه أنا في عقلي وقلبي:
"اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضاؤك. أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي."
رائع
جميلة ورائعة
أحسنتِ حقا
فالحزن أفة نفسية خطيرة
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال
اهلا بعودتك يا مجدلين...كما اعتدنا منك على جداول أفكار و اشعار قل مثيلها ...دمت في الصدارة 👍
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.