خاطرة «عروش الجهل».. خواطر أدبية

ربما مَرَّ العُمرُ ولم يُجِب سؤالي، إلى أين في بقاع الفضاء يرسو خيالي؟ وإلى متى في بحور الصمت ينطقُ حالي؟

بينما الأسماءُ فقدت سوقها وأصبحت أساطيرَ مُنكرة، وحيثما الصفاتُ بدَّلَت أصحابَ الحكمةِ بأَصحابِ المَقدِرَة، فجلسوا على عروشِ الجهل يوجهون الخلقَ إلى قِيعان يأسٍ دائِرَة، ولا تَجدُ مُعَمِّرًا في دوائِرِهِم يُحِبَّ عُمرَه، ولا شابًّا ساطِعًا يُبَادِلُهُم بالرضا نَظرة، ولا فتاةً عبقريةً تُواجِهُ ضَحَالةَ جَهلِهِم بغيرِ الغضبِ والحَسرة، ولِأَنهُم قَدروا فما قَدَّروا للعِلمِ قَدره. 

هكذا التأريخُ دومًا يَجهَلُ المَقبورَ ويَمدَحُ المقبَرة، ولربما لو عُمِّرَ أَحَدُنا ألفَ سنةٍ ما وجد عند أهلِ الجهلِ أَسفًا ولا فهمًا ولا حُبًّا ولا معذِرَة.

هكذا تَدورُ الأرضُ بِغَيرِ هَواها طوعًا ولو كان لها هَوَىً فما دَارَت، وهكذا تَظُنُّ يا صاحِبَ العُمرِ الفَسيحِ أن السنينَ بِهَواكَ سَارَت، وهكذا خَبأتَ أمانيكَ من سيوفِ الجهلِ عُمرَكَ حتى تَوارَت، ثم إن سألتُكَ هل تَذكُّرُها تقولُ إِنها عَدَمًا صَارَت.

بينما تَنصحُ خُلفَاءكَ ألا يكونوا خَالِفين، وأنت بعذابِ طريقِهِم نحو النجاحِ على يَقين، بلى وقد علموا أن شِبَاكَ الجهلِ رَسَمَت على وَجهِكَ حروفَ الأَنين، فَأَولَى بك أن تَهديهُم إلى الهَرَب، من قيعانِ الجهلِ الدَّائِرِ المُضطرب، حتى لا تَضيعَ أعمارُهُم في إِنَاءِ مَوتٍ مُقتَرِب.

ولكي تكونَ أعمارُهُم في فضاءِ حياةٍ كَريمٍ مُحِب، أَخبِرهُم أن العِلمَ رحمةٌ وعدلٌ وأن الجهلَ ظُلمٌ وغَضَب، أَخبِرهُم أن الهَرَبَ في أرضِ اللهِ الدائرةِ بالعلمِ طائِعَةً خيرٌ من البقاءِ في قيعانِ الجهلِ الذي بِأَهواءِ أَهلِهِ يَتقلَّب، أخبرهم أن الجمال لا تَراهُ العَينُ ما لم يَرَهُ القلب، أخبرهم أن الحب في غير ميزان العلمِ والعدلِ لن يكون حُب، أخبرهم أن نهاية أعمارِهِم كمثل بدايتها ما لم يُجاهروا بحب العلم والعدل وما لم يُهاجروا إليهما في أرضِ الرَّب.

فَإن أخبرتهم فما عليك من ذنبٍ بعدهُ وقد جعلتَ أخيرًا لاتِّساعِ عُمرِكَ السبب، وتكونُ قد وهَبتَهُم مِفتاحَ الأملِ الذي منك قد سُلِب، فلن تُشرِقَ الشمسُ بَعدُ بِغيرِ رِضاكَ أبدًا ولن تَغرُب، وستعودُ إليك أمانيكَ شَابَّةً فتُصَافِحُها مُصافَحةَ أُمٍّ وأَب، وتهديها لخُلفائِكَ حتى يَستنيروا بها في فضاءِ النور والعلم والعدل والحب.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

بصراحة القلم عاجز عن وصف
مدى اعجابى بهذة القصيدة
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة