خاطرة «عتاب ومودة».. خواطر أدبية

أعاتب قلبًا قد أسى بفراقه 

حتى تعاقب بالفؤاد لهيبُ

يا هاجرَ القلب المُعَنَّى إننا 

نُسائلُ كيف دهاكم التغريبُ

عجبٌ ما رأيتُ بحالكما وما 

 لحالكما، من الفراق عجيبُ

إن العتاب بين الأحباب مقبول ومعروف ومفهومة أسبابه ودوافعه، وأحيانًا يعلم المعاتب ردود من يعاتبه؛ لأنك غالبًا تعاتب شخصًا تربط بينكما صلة طيبة، وإنما عتاب الأحبة عين المودة.

اقرأ أيضًا: أجمل عبارات عتاب للأصدقاء

إن هذه الرسالة التي أكتبها رسالة صديقٍ لصديقه، أخ لأخيه، قلبان اجتمعا أعوامًا وسنين دون أن يفترقا، دون خصام وبعد، دون جدالٍ تملؤه البغضاء والشحناء والحقد، لم يكن أحد منا يشعر بفخر على الآخر، وما كنا نَمنُّ ولم نكن نرائي الناس. 

تترابط الصداقة وتزداد كلما انعدم فيها الفخر بالذات والتعالي وكثرة المزاح، وكلما كانت الصداقة غير مرتبطة بمصلحة ما، سواء كانت دراسية أو عملية أو مكانية، كلما كانت الصداقة طويلة الأمد، وكلما تقاربت الأخلاق والطباع بين الأصدقاء، كلما استمرت ودامت؛ كانت صداقة وأخوة خالصه دون شيء، دامت واتصلت «فما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل». 

 تُعرفُ الصداقة وتُمتحن بالمواقف العابرة على طول الحياة، من تقلبات للدهر، فتحسب درجة الصداقة عند بعضهم بكيف كان رد فعل الصديق في موقف ما، وهنا بدأت الحسبة إما بالزيادة أو النقصان، تتبدل وجهات النظر فتتبدل الوجوه. 

كيف ترى صديقًا لم يَعُد صديقه في وقت مرضه الشديد، معتذرًا بظروف عمله القهرية؟! 

 أترى هو على حقٍ، أم أخطأ تقدير الموقف، وأساء الاختيار بين شيئين أحدهما لا يستبدل أو يتكرر! 

في هذه الأوقات نرى تبدل المواقف، وتغير القيم التي كنا نعرفها، تتغير الألوان من الأبيض للأسود من دون شواهد وأسباب مقنِعة. 

رأينا القناعات التي عهدنا، صورة ثابتة في مجتمعاتنا تُموه ثم تتبدل وتتشكل على كل لون وشكل، حسب ما تقتضيه الأمور والمصلحة. 

رأينا صورًا للصداقة في قالبها المعهود، تُضرب لنا الأمثلة فى الوفاء بالعهد والترابط والسند كتفًا بكتف. 

 ورأينا شرارة واحدة قد خرجت في بضع كلماتٍ، تناقلتها الألسن حتى أشعلت بها فتيلًا، أحرق حبال الوصل والود وقطع وتين العمر الذي كان. 

وترى صداقاتٍ تُبنى على الخسة والخيانة، لا يعود منها سوى الشر والشر، صداقة الغوغاء على ما تبقى من مروءة الظاهر، صداقة السوء التي لا تعود إلا بالنار على كل بيت فتحرقه، وتنزع الخير من قلوب ساكنيها فتقتلها وتئد كل نبتة خيرٍ كانت على وشك النمو، وما بعد النار إلا الرماد.

اقرأ أيضًا: أجمل ما قيل في رسائل العتاب.. تعرف الآن

إن لنبتة الشك بين المحبين سبيلًا، فلا تدع للشك دليلًا يمضي عليه ويسير بنهجه حتى ينمو ويزهو ويزدهر ثم يقطع بالفراق ما كان من دون رجوع، الشك يا صديقي هو بابٌ للضيق وللاضطراب، باب من أبواب هلاوس العقل وجنونه إن تُرك بلا علاج يداوي آثاره ويقطع أسبابه. 

فلا تطرح سؤالًا دون داعٍ، ولا تترك استفسارًا بلغك فيه ريب، دون أن تحصل عليه، ولكن وازن بين أمورٍ وأمور، فالحياة تستحق منا بعض التنازلات لتستمر، بعض التضحية، وبعض التراحم لا التزاحم على إثبات المخطئ والمصيب. 

ترى علاقات إنسانية كانت دائمة لعقود دون مشكلة ما، ثم لموقف واحد كان الأثر الذي به تفرق الجمع وانهدم، ربما كان نصيحة وربما كان حقيقة، وربما لم يكن شيئًا سوى إثبات الخطأ الواقع عليهم من دون تفرقة بين حديث وحدث وبين اندفاع وتأنٍ، وما بين النصيحة والفضيحة يا صديقي نقطة واحدة. 

لعل ما أردت أن أنقله بين سطور الكلمات قد بلغ نصابه واستوى على سوقه، فهل يعجب القراء حديث العتاب والمودة، والماء والنار.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

كم جملية هى كلماتك
وعذب حديثك 👍
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

كم جميلة هى كلماتك
وعذب حديثك 👍
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة