المرأة كائن لو تأملناه على فطرته لوجدناه كائنًا مكنونًا مستورًا، أراه حين تسلم رؤيتي وتستقيم فطرتي، (فالمرء تعلمون بين العطب والصلاح، والإيمان يزداد وينقص)، أراه كائنًا يعوذُ بالحماية والتبعية.
ليست تبعية الذُّل والعبودية، ولكن تبعية الاحتماء والاستقواء والاحتياج، احتياج الغريب إلى الوطن، فالرجل وطن المرأة وهي جزء منه، والجزء يحنُّ إلى الكل والكل يحتوي الجزء.
ولأن الرجل وطن المرأة، فالمرأة غريبة في هذه الدنيا حتى تعود إلى مَن مِن ضلعه خُلِقت، تحنُّ إليه وتستوطن تحت جناحه، أليست هي قطعة منه؟ والجزء إلى الكل يميل ويؤول؟!
ألستَ ترى فرع الشجرة الضعيف يستند على جذعها القوي فيثمر ويحمل الأوراق، كذلك المرأة، لا تثمر وتغدق بالخير والحياة من دون سند، والرجل لها هو السند.
أراها وإن لم تحتجب وتستتر، كأنها عارية في مهب ريح عواصف الدهر وتصاريف الأحداث، وكأنها وجب أن تواجه هذا كله من وراء ستار، ستار الحماية والوقاية، والرجل هو كنفها وسترها في هذا كله.
وحين نقول إن المرأة كائن ضعيف، فنحن لا نتكلم عن ضعف هوان، ولكن ضعف تكتمل به طبيعة المرأة مع طبيعة الرجل، والضعيف بدون ظهر يموت، وقد يموت وهو على ظهر الحياة، وبهذا هم جعلوها تموت، تموت أنوثتها وفطرتها وروحها، يموت جنسها ولو ما بقي منها سوى فسيولوجيتها فقط.
وهم أقصدُ بهم أهل الخبث والشر من الإنس والجن، الذين يريدونها كائنًا مكشوفًا مطلوقًا متحررًا بغير ضابط أو رابط..
أوهموها بالاستقلال فوقعت في براثن الاستغلال، وبين الاستقلال والاستغلال حرف، يحركون به الغرائز ويجذبون به مشتري السلع، فجعلوا منها نفسها سلعة بلا ثمن.
وليس هذا التحرر المزعوم لدى المرأة سوى عين العبودية، وعبودية المرأة جاءت حين تجردت من فطرتها، فكرة أن تعيش بحرية وانسيابية وتوافق مع ما خلقها الله له، ووظفها فيه، ويسرها إليه، هل رأيت ماء ينساب من منخفض إلى مرتفع؟!
المرأة حين اجتمع بها الشيطان فوافقته، جعل منها السلاح الذي لا يُخطئ، والسهم الذي لا يحيد، جعل من انهيار المجتمعات وتفكك الأسر وضياع الأجيال أمرًا يسيرًا، وحين برز الشيطان من رأس المرأة وأطل من مفاتنها، أسقط ركائز الأمة وهدم قواعد المجتمع، وأغوى أصلب الرجال وسلبهم الرشد وأخل بالميزان.
هؤلاء الفسدة الدعاة على أبواب جهنم، أماتوا في المرأة أعظم ما فيها، حين أوهموها بوهم الاستقلالية، وسقوها خدر المطالبة بالندية والمساواة، وهي حين طالبت بالمساواة -كما ألقموها- إنما اقتطعت لنفسها قطعًا من الدونية، وتجرعت كأس النقص والفقدان.
يا ليت حواء تفهم، والفهم مقصور على المقصورات في بيوتهن، يهذبن الأطفال، ويسعدن الأزواج، وينرن البيوت، ولا يسعين خلف وظيفة أو مركز أو جاه، أو بحث ضال عن الذات، إلا في حاجة ضرورية تسعى فيها للأخذ بالأسباب وسد الحاجة.
لأن ذات المرأة لا تتجلى في مناطحة الرجل ومزاحمته كتفًا بكتف، تحت بند ما أنزل الله به من سلطان، وهو ما أسموه متشدقين: حرية المرأة!! أو تحقيق ذات المرأة!! أو المرأة العاملة!! أو حق المساواة!! فالكيل فاض بمثل هذه الادعاءات الكاذبة الخداعة.
اقرأ أيضًا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.