لستُ شخصاً مجنوناً، ولا مريضاً ولا مدمن مخدر ما!...
لا.. هذهِ أنا تلك هي صورتي!
قد تصابون ببعضِ الدهشة؛ مما سيأتي.
لا يمكنكم إدراك كيف أنا من الداخل..
كيف شكل الوجع! كيف تخدرت الضحكة!!
حتى صارت بهذا الشكل "التهريجي" بعض الشيء..
هذهِ صورة الأحلام الفائتة.. والآمال المتطايرة..
الأوقات الغاربة والذكريات الجميلة التي ماتت مع أصحابها!
هذه أنا بألواني المغايرة، هذه ليست ورودا وفراشات، هذه ذاتي هربَت من آلامي وحزن قلبي..
هذا ليس روج شفاه أحمر! هذا دمي سال.. لشدة يأسهِ..
هذهِ ليست كُحلتي! هذا سواد الليالِ صبغ جلدي...
آثار السهر والدخان، لونّت وجنتي..
هذا ليس شعري البُنيّ لا.. هذهِ قهوتي سكبتها أنا... لقسوةِ وحدتي.
وهذه الروح ليست روحي أيضاً! لا.. روحي نزفت كُلّ أحلامها ثم ماتت...
هذا التخبط والصراع لا تختصرهُ صورة...
الحب والحرب لا يجتمعان بلوحة واحدة..
يحتاجان جدارات.. ندخل بها نحن!
جدار تلو جدار، عسى نشعر!!
الوجود والغياب لا يلتقيان في لون أو ألوان..
يلتقيان في روح تالفة.. تعبت من الاثنين..
صرتُ صورة أنا، صرتُ صورة بعدَ ما تعبتُ من كل شيء.. من الأيام، صرتُ صورة وتنازلت عن الكلام.
وقدمت كُلَّ شِعْري للفراغ.. وتبرعت بإحدى أغنياتي لأي شخص كان..
أنا عابر.. أعبر لعابرٍ أيضاً، أنا صورة.. صورة صامتة متفجرة..
تضج بالحياة، تعج بالكلام والأصوات توحي لك بالموت، لكنّها قد تغتالك أيضاً ! لذا حذارِ.. أن تثقَ بالألوان..
لذا صرتُ أتساءل دائماً..
ماذا قد ينشر إنسان تالف في هذا العالم المُتخلف؟!
ما الذي قد يفعلهُ مهماً في هذا الكون التافه..
الذي ينظر للمفكر على أنه "أضحوكة" مثلاً!
ماذا قد يسعى إليه إنسان يائس؟
ما الحياة عندما تتضور جوعاً للفَناء؟
عن ماذا يكتب؟
بماذا قد يحلم..
من أنا؟؟
أين كُنت؟ وأين أعيش الآن وهل أنا موجود فعلاً..
كيف تكون موجوداً في وجود كُل ما يلغي وجودك..
طموحك شخصيتك.. حياتك مستقبلك وحتى ماضيك الذي ظننت أنه كان يوماً جميلا..
ماذا بعدَ.. أن تكتب وتكتب وتكتب..
أن تتكلم، وتتكلم وتتفوه وتتفلسف وتتشدق وتتغنى وتنوح وتندب؟
ماذا بعد أن تتعب، وتنهك وتكتئب وتذوب وتنسلخ وتعود وتموت وتتقمص؟!
ماذا بعد؟
أن تتذكر وتكتم وتحزن وترسم وتكفر وتشتم..
وتتأسف، وتتأثر وتتناثر وتتمزق
ماذا بعد.. أن تجزِم وتتجاذب وتجازف.. وتُنافق وتَستهزئ وتُجامل وتكظم غيظك وتُستَضعف!
ماذا بعد أن تُلغى، وتنفى وتتجزأ وتتغير، وتتحجر وتتعملق.
ماذا بعدَ أن تتعملق!
ماذا يكتب إنسان متحذلق.. مُتحملق..
مُتمزق.. مُتعمشق!
إنسان روحه ميتة!
عيونه واقفة، نبضه مغاير.. شكلهُ غريب وعمره آلاف السنين..
ماذا قد يكتب.. غير أفكاره المتفجرة كبراكين..
غيرَ هذهِ حماقات يراها الكثيرون.. غيرَ كلمات تأكل عقلهُ..
فيفرغه، وينثرها ويمحيها وينشرها، وينفضها..
وينفجر.. ثم يفتخر..
ويحتضر ويندثر.. كجبل ثلج ينهمر..
لا شيء قد يغير من شكل المعادلة النهائي..
لا شيء قد يجمل مأساة الكون الجماعية..
لا شيء قد يحول بينك وبين الفكر..
لا شيء قد يُسكت الصوت الذي نخر رأسك نخراً..
لا شيء قد يكون مهماً ليقرؤه غيرك في هذا العالم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.