خاطرة "عاش البطل".. خاطرة اجتماعية

عندما تقاتل في حياتك اليومية حتى لا تصبح مثلهم، فأنت بطل..



الكل يسعى لحياة طبيعية هادئة، ما بعد المرحلة الجامعية تبدأ ضغوط العالم الخارجي، أما ما قبل ذلك فجميعنا نعتمد على أهلنا، نرمي عليهم جميع ما كنا نعتقد أنه من أكبر المشكلات التي قد تقابلنا في هذه الحياة، ويبدأ الصدام الحقيقي عندما تبدأ رحلة البحث عما يسمى لقمة العيش، مرحلة إصدار الهوية المجتمعية، من أنت؟

هذا السؤال يسأل بطريقة مختلفة، يسألك قريب لك ماذا تعمل؟ صديق لك هل وجدت عملًا؟ وآخر يسألك ألا تزال دون عمل؟ آخر ماذا درست؟ وهل تجد عملًا هنا؟ أنصحك بالهجرة. 

كلٌّ يقرر لك من وجهة نظره التي يعتقد أنها صحيحة تمامًا، والمفروضة من قبله عليك، وعليك قبولها لتنجح، ونظراتهم لك، ما ذا تعرف أنت عن الحياة؟ نحن أفضل منك، وإن لم تقابلنا مشكلتك البسيطة في البدء لكسب لقمة العيش.
وهم لا يعلمون كم تقاسي في البحث ليلًا في صفحات الإنترنت عن عروض العمل، وأنت تسمع دعوات أمك بالتوفيق، وترى فرحة أبيك عندما تخبره بأن لديك مقابلة عمل، ومساعدة أخيك الصغير، وإن كانت نظرة تخبرك هيا أيها البطل، ستنجح، ستفعلها، تقدم ونحن من خلفك داعمون.

تخرج من المنزل وأنت ممتلئ بالأمل والفرح والرغبة، تذهب لتسلق جبال الهيملايا، تجلس في قاع أنهار الأمازون وتنتظر المعاينة، المعاينة التي ستقرر مصيرك، ولن نفترض الأسوأ، لقد قبلت في الوظيفة، مرحبًا بك في عالم الوحوش، صراع العمالقة، قتال الجبابرة، سلاسل العبودية التي تحكم على ما تبقى من عمرك وأنت مرتبط بساعات عمل يومية، برئيس مباشر، إما كان عليك بردًا وسلامًا، وإما جعل أيامك نارًا وشرارًا.
أيها الموظف البطل الذي يقاتل في ساحات المكاتب، ويصارع زملاءه كل ساعة لينجو بيوم سليم دون إصابات، نرفع لك القبعة احترامًا.
معارك محتدمة، متناسين أننا بشر، لا حاجة لسيف قاطع متمثل في كلمة تطعن البطن لتخرج أمعاءك، أسوأ ما يقبع داخلك لن أقول مشاعرك، لأنها كلمة لا تعني أي شيء لبعض الوحوش الذين يسمون أنفسهم زملاء العمل.
الحشاشون هم عصبة من القتلة المأجورين، وعندما سأل الناس لم قتل الرجل، لم يجدوا مبررًا لقتله سوى أنه عرضت عليه وجهة نظر، فرفضها.
تطور الحشاشون على مر العصور، ليصل إلى الاسم المتعارف عليه في عالمنا الحديث، وهو رجل ذو منصب مدير عام، أو موظف أعلى رتبة، أو زميل مقرب من الرئيس، كلها أسماء تتبع عصبة تتقاتل في ما بينها دون رحمة، اعتقادًا منها أنها بذلك ستحافظ على عملها ووظيفتها وراتب شهري لا يغني ولا يسمن من جوع.
يؤذيه أشخاص لهم قلوب تنبض مشاعر أبسط من شرب الماء عندهم، كلمة تخرج من فم أحدهم تجعله في قمة السعادة، هذا الملاك الطاهر الذي يتجول في أقبية العالم السفلي الذي نطلق عليه كلمة الدوام (العمل)، اجتهد في عمله كل يوم دون كلل أو ملل.

وفي ذات يوم تلقى كلمة من رئيسه في العمل، لتظهر له أجنحة، وطار سعيدًا مبتسمًا مستنشقًا هواء أعاد النبض لقلبه الذي كاد أن ينسى أن هنالك نبضًا، أن هنالك سعادة، وفي حين هو في قمة السعادة وضع يده على فمه ويتحسس شفتيه بشعور مريب واستغراب عميق أن هذا الفم بإمكانه الابتسامة والضحك، شكرًا، كلمة خرجت لترسم معاني الحياة في وجه هذا البطل.
لن أتشاءم وأتحدث عن المسيئين لنا، سواء في العمل أو في الخارج، هذه الحياة لا تستحق أن نغضب لحظة، أن تسرق منا لحظة سعادة، أن يضيع منا عمر ونحن نسترضي هذا ونركض ليرضى عنا ذلك، أو أن نسمع ثناء أو كلمة تجعلنا نعرف من نحن، نحن أبطال لنا قيمة، لنا أحباب يتمنون لنا السعادة والخير، يفرحون بفرحنا، ويبكون معنا، هؤلاء فقط هم من عليك النضال ومواصلة القتال للعودة لهم.

نحن من يوم ولدنا ولنا قيمة في هذه الحياة، هذه الحياة ليست مخصصة لأحد، لينجح هذا ويفشل ذلك، منذ أن أتممنا من العمر 6 أعوام ونحن أطفال، فرض علينا النظام الذي وضعه حفنة من الأشخاص منظومة تعليمية لتحديد الجيد من السيئ الفاشل الراسب، كأننا قطيع من الأبقار في مزرعة تفرز منها الممتاز عن الأخرى، ليستمر معنا هذا النظام لرؤية المجتمع لنا، هل نجح ابنكم هذا العام؟ هل يكمل تعليمه؟ هل يدخل كلية الطب؟
من سمح لك أنت أيها البطل أن تذهب في أحلامك لتعشق وتحب وتتزوج؟ توجد مراحل عدة يجب أن تنجح فيها أولًا، هل لك قيمة في هذه الحياة؟ بمعنى من أنت؟ هل أكملت تعليمك؟ هل أنت في مستوى ابنتنا المادي؟ هل لديك منزل؟ الزواج من الأهداف الرئيسة لنا نحن الشباب، وقد أصبح في عصرنا هذا -إن لم يكن مستحيلًا- من أصعب القرارات التي قد يتخذها بطلنا الموظف، هذا لما يواجهه من عراقيل.
كن أنت فقط، لا تهتم لهم، عش حياتك ودعهم لنفاقهم ومؤامراتهم، لأحلامهم الزائفة التي لم تتحقق، اعمل، اجتهد، ولا تلتفت لنعيق الغربان، اعمل لترضي نفسك أنت لا أحد سواك، اعمل لنفسك وارجع لأحبتك وعش حياتك وابتسم، ما هي إلا أيام تمضي والعمر ينتهي، أنت من تقرر هل تجعلها سعيدة، أم كئيبة، أنت من سيتحمل نتيجة قرارك، وفي قرارة نفسك أنت تعلم أنك على صواب، فتقدم ودافع عن نفسك، واستل سيف الحق واستعر خنجر الحشاشين.
عاش البطل.. دون نفاق، دون جرح لمشاعر الآخرين، احترم ذاتك وستجد الاحترام من الآخرين، حاصر نفسك بأحبتك وأصدقائك المقربين وزملائك الداعمين، وستجد السعادة.
ناضل من أجل أن تجد بيئة عمل جيدة، زملاء رائعين يساندونك لتجاوز العقبات، مديرًا يصنع لك أجنحة، وادعم نفسك وشجعها لتستمر في النضال مع ملايين الأبطال الآخرين، وابتسم ولا تتسرع في رفع درعك أمام الذي يقاتلك، فبعض السهام تقويك وتعرفك مواضع ضعفك، كن أنت فقط، سمحًا هين التعامل مع الآخرين، فجميعنا بيض كبياض الثلج، نتأثر بالأيام ومخافة الانكسار.
دمتم ودامت المحبة والوفاء بيننا، وعاش ذلك البطل الذي يزرع في داخلنا الابتسامة وروح الانتصار.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة