خاطرة "طريق السعادة".. خواطر وجدانية

في الحقيقة، زاد تحفيزي في كتابة هذا المقال كتاب اسمه "حياة بلا توتر"، للكاتب والمفكر الكبير إبراهيم الفقي الذي يتحدث فيه عن السعادة والتوتر وأنواعه وأسبابه وكيف تعيش حياتك من غير توتر، وكيف تسيطر على غضبك، وغيرها من الموضوعات المهمة جدًّا في حياتنا.

ما جذب انتباهي من الوهلة الأولى هو مقدمة الكتاب، وهي قصة بسيطة تتحدث عن شاب مملوء بالشغف لمعرفة سر السعادة، فسأل عددًا من الناس، فنصحه أحدهم بالسفر إلى قرية معينة في الصين لرجل طاعن في السن من الحكماء، وقال له إنه سوف يدله على سر السعادة.

وفعلًا، عمل الشاب بهذه النصيحة وحجز تذكرة طيران إلى الصين، ومن ثم إلى قرية هذا الرجل الحكيم. وفي بيت الرجل، ظل منتظرًا ما يقارب ثلاث ساعات، ما جعله يستشيط غضبًا وكاد أن يوشك أن يغادر ذلك المكان لعناد الرجل وصاحب النصيحة.

ولكن لم يتح له الرجل ذلك، فقد دخل عليه وهو شارد في هدوء تام. سأله عن رغبته في تناول الشاي، فردَّ بـ"نعم" في عصبية مفرطة، وبالطبع لاحظ الرجل ذلك، وبدأ يسكب الشاي حتى امتلأ الكوب وظل يسكب حتى نهض الشاب وقال بعصبية: "ألا ترى أن الكوب قد امتلأ إلى آخره؟!".

ليرد الحكيم بابتسامة: "إنني مسرور لأنك قدمت هذه الملاحظة"، ثم أردف: "انتهت المقابلة."

فردَّ الشاب بتعصب شديد يقترب للصراخ: "لقد سافرت كل هذه المدة، وكل هذه المسافة، وانتظرتك كل هذا الوقت، وتسكب الشاي على الأرض ثم تقول انتهت المقابلة؟!"

فقال له الحكيم: "عندما يكون الكوب ممتلئًا فلا يمكن أن يستوعب أكثر من ذلك، وبناء عليه، إذا استمررت في صب المزيد فسوف يتسبب ذلك في تلف الأشياء من حولك؛ وهكذا أنت، عندما استمررت في غضبك، أصبح كوبك ممتلئًا على آخره، واستمررت في صبه إلى أن زاد غضبك وأصبحت أكثر عصبية من قبل."

الحكمة: إذا أردت أن تكون سعيدًا، تعلم كيف تتحكم في شعورك، وتأكد دائمًا أن يكون كوبك فارغًا؛ فهذا هو مفتاح السعادة.

متى أشعر بالسعادة؟

يتحدث الدكتور إبراهيم الفقي في إحدى محاضراته عن سيادة الذات، كانت أغلب التعليقات التي يراها أن الإنسان سوف يشعر بالسعادة إذا امتلك شقة كبيرة، اشترى سيارة جديدة، استطاع إنقاص وزنه، أو أصبح لديه عمل خاص به. فلكي يشعر كل شخص من هؤلاء بالسعادة، فهو ينتظر حدوث شيء معين له، وبعدم حدوثه، سوف يصبح تعيسًا فاقدًا للسعادة.

لكن السعادة لا تكمن في امتلاكنا شيئًا بعينه. ففي الحقيقة، كل منا يشعر بالضيق أو الحزن أو الخوف، ويحاول الخروج من مشكلاته بطرائق عدة، فمنا من يهرب من مشكلاته بالنوم، ومنا من يهرب بالأكل، ومنا من يشاهد التلفاز.. لكن ألم يحن الوقت لنسيطر على عواطفنا ونتوقف عن البكاء على الماضي؟

لا يوجد إنسان تعيس، ولكن توجد أفكار تسبب الشعور بذلك.. إذا لم تكن سعيدًا داخليًّا، لن تكون سعيدًا خارجيًّا.. لا يوجد طريق للسعادة؛ لأنها هي الطريق، السعادة الحقيقية تكمن في حب الله تعالى والتقرب منه، السعادة في متناول أيدينا، فلا تبحث عنها فيما يمتلكه الآخرون.

ومن وجهة نظري، ولا أحب أن أفرضها هنا فرضًا، أن سبب شقائنا الأوحد يكمن في النظر إلى ما لا نملكه، تاركين ما أنعم الله به علينا من نعم، ظانين أنه عندما نملك هذا أو ذاك ستكتمل سعادتنا، ولن يعرف الحزن طريقنا بعد ذلك.

لماذا دائمًا ننظر إلى ما عند الآخرين ونتمنى ما يملكونه؟ في حين أن معجزة السعادة تكمن في ما نملكه والحفاظ عليه، بدلًا من ضياع العمر في تمني ما قد يكون سبب تعاستنا لو حصلنا عليه، فالإنسان لا بد أن يضع لنفسه أهدافًا يحققها، وينشغل بالسعي لا بالنتيجة؛ لأن النتيجة بيد الله، فلا يصح أن نشغل بالنا بها، ولكن نجعل كل طاقتنا في السعي وراء أهدافنا، بدلًا من أن نعيش مع الأمور والأشياء الصغيرة ونجعل منها أهدافًا كبرى، فكلما كانت أهدافك راقية وعالية، كنت أقرب إلى السعادة.

وفي النهاية، نصيحة من أخ: أي وقت هو أنسب وقت للبدء من جديد. فتمتع باللحظة الحاضرة، واغتنم الفرصة قبل فواتها، وارضَ بما قسمه الله لك، فبكل بساطة، السعادة تكمن في الرضا.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

جميل جدآ، استمر.
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

رائع جدا.....إبداع
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

متشكر جداً، اتمنا أن أكون عند حسن ظنكم دائماً.
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة