مجانة يمينة يوليو 20, 2023, 12:45 م

خاطرة "طبيب القلوب".. خواطر وجدانية

يعتقد المرء أن ما يجول بخاطره من أفكار وخواطر هو أمر عابر ولن يترك أثرًا، فإن كان كذلك فهو مخطئ؛ لأنه في الواقع بذلك يُعَبِد طريقًا لفكره سواء كان مضيئًا أو داكنًا.

تلك الأفكار التي تجيء وتروح لهي الوقود الذي يشحن بها ذاته، هذه الأخيرة التي لا يملك سواها، وقودًا يجب أن يكون صافيًا لا تعيبه شوائب لكي يستطيع أن يُكْمِل رحلته في الحياة دون أي توقف طارئ أو حتى عُطل يصيب قلبه فيتوقف عن نبض الحياة.

ومن الأفكار التي عليه أن ينتبه لها هي أمراض القلوب والعياذ بالله أجارنا اللَّه منها، فهي كالسوس الذي يَنْخُر كل ما يجده أمامه فلا يبقي منه ولا يذر.

أمراض تُوْجِبُ التحصن منها فهي لا تُرَى بالعين، بل هي كامنة داخل نفس الإنسان تتآكله بصمت ليس لها صوت ولا مظهر مثلها مثل ذلك الخصم الخفي الذي كل يوم بهيئة، ولن يستطيع من وقع في شِرَاكِه أن يتنبأ بخطوته القادمة.

كأمراض الحسد والغيرة التي طغت على النفوس الضعيفة والبعيدة عن خالقها، فتراها هائمة لا تعرف أين الطريق، نفوس أُجْزِمُ أنها اختارت وبإرادتها الضعيفة أن لا تنفض غبار الضعف والاتكالية عنها، فتراها تتعقب كل ناجح وسعيد، فَتَرْمُقه بنظرات حاسدة وناقمة، وهي بالمقابل لا تُدْرك أن سهام حقدها وحسدها موجهة لقلبها هي فتصيبه بالعلة فترديه صريعًا لا يقوى على النهوض إلا إذا طلب النجدة والغوث من اللَّه تعالى، والذي أمرنا بضرورة تلجيم أنفسنا وأن لا ندعها تهيم وحدها، أمراض يظهر أثرها سريعًا على من يحملها نسأل اللَّه السلامة.

حقيقة هو موضوع من الأهمية بمكان ويكاد يكون من المواضيع المسكوت عنها، التي لا تأخذ الحيِّز الكافي في نقاشاتنا؛ لأننا لا نحب أن نتعرى أمام أنفسنا وأمام بعضنا البعض فتظهر حقيقتنا، ولأنه نحب أن نكون بدون أخطاء، لكن الواقع أن جمال وسماحة المرء يبدأ بالبروز حين يعترف لنفسه أنه حامل لمرض وأنه يوجد خلل ما وعليه معالجته، وهو مستعد لمحاربته والقضاء عليه، ولأنه من غير المعقول أن يُصَرِّح أحدهم بأنه غيور أو حسود فهو يراها نقيصة فيحاول تجنب الحديث عنها حتى مع نفسه.

لكنه لو يُدْرِك قليلًا أن نصف علاجه هو الاعتراف بالعلة، حينها يرتاح ويبدأ مسيرة التشافي من المرض، ويُدْرِك حينها أن علاجه يجده عند طبيب القلوب ومداويها، فقط عليه أن يرفع يديه أو حتى يناجيه في خلوة، فيمسح على قلبه فيغدو سليمًا ومعافى.

كان من دعاء النبي ﷺ: "اللهم تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي".

بقلم مجانة يمينة

الحياة مدرسة، وأسعى دومًا إلى النظر إلى الخير الذي يسكن البشر 💫🪐🪄 وكثيرًا ما يدفعني قلمي نحو الكتابة،فأجد نفسي وسط قصة أو رواية.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

عبدالحليم ماهاما دادولا عيدالرحمن

يوليو 20, 2023, 1:39 م

رائع

أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة