خاطرة "ضربة مفاجئة".. خواطر وجدانية

هذه النفس الرابضة فيَّ لا تتحرك مهما طرقت هراوات الروح، ومهما تثاقلت الأمنيات.

يقوم من على حافة المخدع ككرة ثلجية يدور حول نفسه، ثم يهب واقفًا بأمر عسكري باطني.. يتوكأ حتى يقف مستندًا على الحائط العتيق.. تلك كانت محاولة عاجلة للنجاة من رقاده العميق.

يصحو بمزاج سيئ، يركل المروحة التي توقفت فجأة لسبب غير معلوم وباتت تشحر كأنها عجوز تجتر نفسها الأخير، يركل أحلامه، يلعن الصوت القادم من الشارع، لبائع الروبابكيا يرسل رسالة تهديد عبر النافذة، يجذب القميص الأصفر من عنقه، يضع أنامله الخمسة على بعوضة حطَّت سهوًا فوق رأسه ثم هوت فأتبعها بضربة مفاجئة من أصابعه الخمسة حتى هوت عن وجهه راسمة علامة بارزة.

ثم ماذا بعد.. وضع الماء كشلال على وجهه واستراح من عناء اليقظة بدفعات مياه متتالية..

أحاطت به صور حياته، كعالم لا نهائي، كمخيلة طفل، عنفوان الشباب، يقينه يومًا بقدرته على تغيير العالم، بالمجد المؤجل كألم عابر وفرحة قادمة، وأحلام تسبح في الفضاء كمهور لا يعيقها أحد.

العمل سحقًا للعمل، للمكتب العتيق أعمل، ولهذا الشخص البدين.. ما زال هو كما هو يجمع تعبنا حتى انتفخ.. قضية واحدة تكفي لإحداث امتلاء في وجنتيه حتى لكأن المال يكاد يصعد من فمه.. تبًا...

فتح نصف عين، قرَّر أن يكافئ نفسه عن كفاحه المرير طوال هذه السنوات طريحة الأمل، ثقب كيس النسكافيه بسن السكين وضعه في سفح الكوب الكبير، غاب للحظة في سرادق الأمنيات التي لم تكتمل بينما ظل رماد القهوة مستقرا في قعر الكوب مستسلما للرقاد في سلام .

أمسك هاتفه، كتب على الوجهة مقر عمله، وفي نقطة الالتقاء (حارة البهلوان).

وانتظر الكثير لكي يلتقي مقصده مع أحد السائقين، الذي سيقوم بتوصيله لمقر عمله، ولكن يبدو أن اسم شارعه الذي لم يكن له ذنب ولا جريرة في تسميته قد قلل من فرصته لركوب سيارة مريحة ومناسبة.

ألغى الرحلة، تجرع صمتًا، دفع فكرة الاحتفاء بيوم ميلاده وراء ظهره، بدت فكرة إضفاء سعادة مفتعلة باصطناع يوم مميز قد باءت بالفشل.

أعدَّ بعض الأوراق، حمل الملف في يده، تكلف عناء الرحلة دون سبب وجيه ، تمثَّل في ذهنه تنظيمه للمستندات، إعادة صياغة بعض القضايا، ومرافعة واحدة: سيدي القاضي: أرجو تأجيل نظر الدعوة..

مضى مندفعًا وهو يلوك بعض الكلمات في فمه، ثم اندفع عابرا للطريق فإذا بسيارة مباغتة تصدمه بضربة مفاجئة.

نحن من تحملنا الكلمات وتضيق بنا الدنيا. وتقبض عنا عمداً أياد فيحمل الله قلوبنا على أجنحة الملائكة .

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
ديسمبر 4, 2023, 12:50 م - عبدالله مصطفى المساوى
ديسمبر 4, 2023, 9:30 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
ديسمبر 4, 2023, 8:10 ص - ألولا عز الدين
ديسمبر 4, 2023, 7:52 ص - ألولا عز الدين
ديسمبر 4, 2023, 7:21 ص - عبدالله مصطفى المساوى
ديسمبر 2, 2023, 3:30 م - قدوه نمر الشعار
ديسمبر 2, 2023, 8:20 ص - سندس إبراهيم أحمد
ديسمبر 2, 2023, 7:52 ص - نور الدين شعبو
نوفمبر 29, 2023, 2:41 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 29, 2023, 8:24 ص - غزلان نعناع
نوفمبر 29, 2023, 7:31 ص - سادين عمار يوسف
نوفمبر 28, 2023, 7:06 ص - أسماء مداني
نوفمبر 27, 2023, 2:42 م - براءة عمر
نوفمبر 27, 2023, 1:17 م - عزوز فوزية
نوفمبر 27, 2023, 6:34 ص - بشرى حسن الاحمد
نوفمبر 26, 2023, 2:24 م - إبراهيم محمد عبد الجليل
نوفمبر 26, 2023, 10:15 ص - ايه احمد عبدالله
نوفمبر 26, 2023, 9:51 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
نوفمبر 26, 2023, 9:27 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 8:03 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:52 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:35 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:01 ص - محمد بخات
نوفمبر 26, 2023, 6:32 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 23, 2023, 12:46 م - رانيا بسام ابوكويك
نوفمبر 23, 2023, 10:41 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 23, 2023, 7:26 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 22, 2023, 2:20 م - محمد سمير سيد علي
نوفمبر 22, 2023, 2:00 م - عبدالخالق كلاليب
نوفمبر 22, 2023, 6:45 ص - محمد بخات
نوفمبر 21, 2023, 8:51 ص - مدبولي ماهر مدبولي
نوفمبر 20, 2023, 7:41 ص - هاجر فايز سعيد
نوفمبر 19, 2023, 1:27 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 19, 2023, 1:07 م - محمد بخات
نوفمبر 19, 2023, 12:07 م - أسرار الدحان
نوفمبر 19, 2023, 11:06 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 19, 2023, 10:03 ص - فاطمة محمد على
نوفمبر 19, 2023, 7:49 ص - شاكر علي احمد عبدالجبار
نوفمبر 18, 2023, 11:36 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 10:56 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 8:09 ص - شيماء عبد الشافي عبد الحميد
نوفمبر 17, 2023, 6:13 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 15, 2023, 6:01 م - كامش الهام
نوفمبر 15, 2023, 2:57 م - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 15, 2023, 12:21 م - ساره محمود
نوفمبر 15, 2023, 11:00 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 15, 2023, 9:50 ص - ميساء محمد ديب وهبة
نوفمبر 15, 2023, 8:56 ص - حسن خليل سعد الله
نوفمبر 15, 2023, 7:54 ص - عمرو عبد الحكيم عوض التهامي
نوفمبر 14, 2023, 4:39 م - رزان الفرزدق مصطفى
نوفمبر 14, 2023, 4:16 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 14, 2023, 1:22 م - شهير عادل الغاياتي
نوفمبر 14, 2023, 9:41 ص - أسماء مداني
نوفمبر 14, 2023, 6:27 ص - أسماء منصور علي
نوفمبر 14, 2023, 5:24 ص - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 13, 2023, 11:17 ص - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 13, 2023, 6:43 ص - رؤى مالك القاضي
نوفمبر 12, 2023, 2:15 م - ميساء محمد ديب وهبة
نوفمبر 12, 2023, 9:02 ص - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 12, 2023, 8:47 ص - حسن خليل سعد الله
نوفمبر 12, 2023, 6:13 ص - شهير عادل الغاياتي
نوفمبر 12, 2023, 5:58 ص - موبارك حورية
نبذة عن الكاتب

نحن من تحملنا الكلمات وتضيق بنا الدنيا. وتقبض عنا عمداً أياد فيحمل الله قلوبنا على أجنحة الملائكة .