الأفعال هي ما تؤكد صدق المحبة، أما الكلام فالجميع أساتذة في ترديد كلمات الحب، ويبتكرون من المعاني الكثير، وتسمع منهم ما يبهرك ويجعلك في دهشة كبيرة. كيف تحولت مهاراتهم في صياغة الحروف إلى سحر؟
لقد أتقنوا رسم الحروف وتجميعها، حتى تعطي كلمات لا تعيش إلا داخل رؤوسهم فقط.
فالمحبة هي نقيض الكراهية، وتعني التعبير عن البهجة إذا شاهدت ما يسرك، على النقيض من ذلك يأتي التأفف إذا شاهدت ما يجعلك تنفر من وجوده، والمحبة الحقيقية لا تأتي من فراغ، بل هي وليدة مواقف وأفعال، تتراكم وتصبح ملموسة ومعبرة عن ذاتها.
على سبيل المثال تشعر عندما يغيب الشخص الذي تحبه بأنك فعلًا تفتقد وجوده؛ لأن وجوده يُشعرك بالأمان، ويمثل السند لك، حتى في غيابك لا يقبل أن يتحدث أحد عنك بسوء، بل يرد عليه، ويفحمه حتى يرتدع ويكف عن ذلك.
إنه يحبك في الله، وغرضه من الحب أن تتوثق علاقتكما معًا وتصمد، وتكون نموذجًا رائعًا يمكن أن يتعلم منه الناس ما الذي يجب أن تكون عليه الصداقة.
هذه النوعية نادرة فعلًا؛ لأن كل من تتعامل معهم يرون أن الحب مصالح فقط، ينفض عنك في حالة فرحه، لكن عندما يتعرض لأزمة لا يكف عن مطاردتك ليل نهار؛ لعله يجد لديك ما يمكن أن تقدمه له حتى يخرج من ضيقه، ثم يرجع كما كان؛ لأن متع الحياة هي المحبة فقط.
ويوجد بلا مبالغة من يسعى أن يوصل لك محبته على الرغم من أن ظروفه الصحية والمادية لا تسمح له بذلك، ويمتلك حساسية خاصة؛ لأنه يرى في تصرفاته نوعًا من التقصير، ولأنه شخص حساس يحاول ألا يكشف عن هذا من الخجل؛ لأنه يرى تقصيره واضحًا، ويظن أنك يمكن أن تضعه ضمن مجموعة المنتفعين الذين يحاولون التعبير عن مشاعرهم نحوك. لكن من يطلب أن تحبه عليه أن يقدم الدليل على حبه؛ لأن الحب عطاء متبادل وليس من طرف واحد؛ لأن الحب من طرف واحد نهايته الموت القريب، لأنه سيكون نوعًا من الإجحاف فعلًا.
فلماذا أحبك وأعطيك كل وقتي ومشاعري وأنت تعاملني ببرود شديد إلى درجة الجفاء، وتعد أن مجرد السماح لي بحبك نوع من الكرم من جانبك، وكأنك الوحيد الذي يستحق كل شيء، أما أنا فعبارة عن إنسان قليل المقام خُلق من أجلك. بالطبع لن أستمر على هذا، سوف أستيقظ من حالة الضعف وأنحاز إلى كرامتي التي هي عندي أعلى درجة من الحب؛ فهي خُلقت حتى تظل مرفوعة ترفرف، معبرة عن إنسان كريم لا يستحق إلا التقدير الحقيقي، ولا يقبل الهزيمة، أو أن يكون إنسانًا مغفلًا.
جميل
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.