خاطرة "شعور البلسم".. خواطر إنسانية

 

من منا لم يختبر شعور البلسم؟ وأعني بكلمة بلسم ذاك الشعور اللين السلس الذي يلامس شيئًا قاسيًا فيجعله لينا سهلاً.

كالشعر المجعد الذي أرهقه الهواء والحرارة والتعرُّق وجعله متداخلاً متشابكًا، فيجيء البلسم بدوره ليجعل الأمر أكثر سهولة ويسرًا ويودي بحياة التشابك حتى إشعار آخر.

كذلك الكلمة الطيبة، هي كالبلسم عندما تقع على جرح فتشفيه أو قاسٍ فتلينه أو صعب فتسهله.

كحنان الأم على وليدها، كدفء في ليلة شتاء قارس أو كشبع بعد جوع مفرط.

وعند المرور بأزمة ما كل ما تحتاجه هو هذا البلسم الذي يداوي جروح القلب ونزف الروح.

ليس بأمر صعب أن تفعله لأحد ولكن يجب أن يكون قلبك لينًا به الكثير من الرحمة ولكن من الصعب أن تجد شخصًا صادقًا يمنحك هذا الشعور، ولكن ستجد ولكن لا تأمل في الكثير.

ولولا وجود الرحمة في قلوب البعض لما شعرنا بهذا اللين ولأصبح العالم موحشًا كالغابة التي لا يقطنها إلا المفترسات، فلا وجود للرحمة ولا الشفقة فقط الصراع من أجل البقاء.

جرِّب نفسك، إذا كنت تريد الشعور بهذا البلسم، جرِّب وحاول أن تعطيه لأحد أهلكته قسوة الحياة، فكن لين الجانب هين المعشر.

جرِّب أن تعيش هذا الموقف:

لديك شخص قريب منك يعاني شيئًا يؤلمه ويشكو لك وفي أثناء حديثه وجدت أنه مخطئ في شيء ما ماذا ستفعل بدورك؟ 

سيكون هناك العديد من ردود الأفعال المختلفة على حسب طبيعة كل فرد.

ستجد نفسك في اختبار حقيقي لقياس مدى حبك وعطفك واحتوائك لهذا الشخص الذي ترك العالم أجمع ولجأ إليك دون غيرك، أو لقياس مدى أنانيتك وعجرفتك لأنك رأيته مخطئًا وأنت تتصيد الأخطاء حتى لأقرب الناس لك، ولن يهمك ألمه وإنما انتصارك لرأيك الصواب هو ما يهم.

لا يهم أنه أخطأ ولكن ما يهم في هذه اللحظة هو رد فعلك الذي سيكون بمثابة البلسم على جرحه وخطأه في الوقت نفسه.

رد فعلك من الممكن أن يغير خطأه ولكن من الممكن أن وجهة نظرك فقط من تراه خطأ.

لذلك يجب أن تعي أن أخطاء البعض في نظرنا هي صواب في نظرهم لأنهم فقط من يعيشون الحالة التي أودت إلى هذه النتيجة.

نحن علينا النصح لا الجلد وحتى النصح له طريقة وألف طريقة، وإذا كان هناك هجوم وتأنيب ولوم وعتاب لن تربح في نهاية المطاف وستكون أنت العدو حينها ولن تجني سوى الهجوم؛ لأنك بادرت إلى الهجوم فلتتحمل ما يحدث لأنك لم تكن لين الجانب ولم تكن النصيحة صادقة.

فالصدق والحب المنزوع من التكبر والأنانية والخالي من الانتصار للرأي ليس له طريق إلا القلب ليصل إليه.

وهناك أيضًا نصيحة صادقة تملؤها الحب الصادق، ولكن أحيانًا نحن من نتكبر لأننا لا نريد أن نرى أنفسنا بعين النقص أو العيب.

فنبادر إلى الهجوم لأننا كشفنا عن حقيقة أنفسنا التي تراوغ عن الحق وتتشبث بالرأي من أجل الانتصار لأنفسنا وندعي أننا أصحاب الحق لأننا أصحاب الأمر.

ولكن علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا أولاً حتى ننعم بالصدق والأمانة في المعاملات الحياتية.

لا تظنن الجميع لديهم نفس الرأي وإن تشابهت الآراء.

ولكن يجب أن تكون ذكيًا فطنًا في قول ما يسوءك ولمن تقول.

ليس الجميع ممن حولنا مؤهلاً لأن يكون صاحب أسرارنا ولكن مع التجربة ستكتشف من الأحق وليس شرطًا أن يكون الأقرب.

عندما تحتار في اختيار الصاحب الذي يستحق أن يكون ملاذ أسرارك، جرب ولكن كن حذرًا ولا تخبر عنك شيئًا يجعلك تقل في أعين الناس حتى وإن كانوا أقربهم إليك.

ومع مرور الأيام ستكون على دراية تامة بالأصدق والأحق في أن يكون ملاذك الآمن.

من المحتمل أن تعاني ولكن إذا كنت ذكيًا لن تكرر خطأك وستحظى بالراحة عندما تُخرج من دائرة حياتك من هم ليسوا مؤهلين أن يكونوا فيها.

وعلى صعيد آخر ستكون أنت أيضًا تحت الاختبار من أحدهم لترى إن كنت تستحق أن تكون في حياة أحد أم تستحق أن تخرج من الدائرة إلى الأبد .

عزز شعور البلسم لديك وكف عن الانتقادات التي تؤلم حتى وإن كنت محقًا، وأقبل من أمامك بكل ما يملك ولا تجعل تغييره هدفًا لأن حسن المعاملة كفيل بتغيير السيئ في الجميع دون أن نشعر.

وكما تريد أن تحظى بهذه المعاملة يجب أن تبدع في اختيار الألفاظ والكلمات المنمقة ولتتجاوز كثيرًا ولتحاول تقبل العيوب وغض الطرف عنها، فنحن بشر فهذا طبيعي أن يكون العيب فينا ولا تركز على الأخطاء لأنها ستظهر على السطح وستكون عائقًا إن لم تتعامل، وكلما حاولت أن تتجاهل العيوب اندثرت ليخلق مكانها حسنات لم ترها من قبل أو كانت بالفعل موجودة، ولكن مع حسن المعاملة ظهرت وتفوقت على العيوب.

ولا تنسَ أن تكون دائمًا بلسمًا شافيًا.

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
مايو 29, 2023, 11:19 ص - محمد عبد القادر نوفل
مايو 29, 2023, 10:53 ص - عبدالمجيد ايت اباعمر
مايو 29, 2023, 9:50 ص - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
مايو 29, 2023, 9:20 ص - ايمان عمر المصري
مايو 29, 2023, 8:26 ص - أيسل حسن قيطة
مايو 29, 2023, 8:01 ص - أيسل حسن قيطة
مايو 28, 2023, 7:53 م - وليد فتح الله صادق احمد
مايو 28, 2023, 2:19 م - نيفين عوض الله دميان
مايو 28, 2023, 12:25 م - اروى عماد شحادة
مايو 28, 2023, 8:06 ص - محمد عبدالكريم قاسم مصلح
مايو 27, 2023, 8:47 م - سيرين حسين سعيد
مايو 26, 2023, 7:22 م - عصام أحمد عبدالله عياد
مايو 26, 2023, 11:24 ص - أميرة محمد المحيميد
مايو 26, 2023, 10:39 ص - يارا فائز يونس
مايو 25, 2023, 12:55 م - مني حسن عبد الرسول
مايو 25, 2023, 9:26 ص - رشا يوسف علي
مايو 25, 2023, 7:41 ص - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
مايو 25, 2023, 7:13 ص - محمديزن الياسين
مايو 24, 2023, 8:11 م - اسماعيل على لطفي محمد
مايو 24, 2023, 3:02 م - محمد أمين العجيلي
مايو 24, 2023, 2:46 م - نيفين عوض الله دميان
مايو 24, 2023, 11:13 ص - اسماعيل الخضر
مايو 24, 2023, 10:25 ص - نيفين عوض الله دميان
مايو 23, 2023, 12:27 م - اسماعيل الخضر
مايو 23, 2023, 11:54 ص - محمد العيادي
مايو 23, 2023, 9:17 ص - مدبولي ماهر مدبولي
مايو 23, 2023, 7:57 ص - لطيفة محمد خالد
مايو 22, 2023, 8:46 م - نيفين عوض الله دميان
مايو 22, 2023, 8:39 ص - عبدالشافى هلال
مايو 21, 2023, 11:53 ص - محمد بخات
مايو 21, 2023, 11:41 ص - مدبولي ماهر مدبولي
مايو 21, 2023, 9:30 ص - أميرة محمد برغوث
مايو 21, 2023, 8:29 ص - مني حسن عبد الرسول
مايو 21, 2023, 7:57 ص - أميرة محمد برغوث
مايو 21, 2023, 7:50 ص - محمد بخات
مايو 20, 2023, 7:15 م - محمد بخات
مايو 20, 2023, 7:07 م - عايدة عمار فرحات
مايو 20, 2023, 2:33 م - ياسر عبدالحميد محمود سلطان
مايو 20, 2023, 9:36 ص - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
مايو 20, 2023, 8:27 ص - لطيفة محمد خالد
مايو 20, 2023, 8:06 ص - محمد سيد عبد الفتاح
مايو 19, 2023, 9:11 م - محمد الحقاوي
مايو 19, 2023, 8:20 م - شيرين زين العابدين
مايو 19, 2023, 7:42 م - عبدالمجيد ايت اباعمر
مايو 18, 2023, 10:31 ص - اسيل ممدوح لمع
مايو 17, 2023, 9:29 ص - أميرة محمد برغوث
مايو 17, 2023, 9:20 ص - اسماعيل على لطفي محمد
مايو 16, 2023, 5:02 م - لطيفة محمد خالد
مايو 16, 2023, 9:17 ص - جمال عبدالرحمن قائد فرحان
مايو 15, 2023, 8:39 م - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
مايو 15, 2023, 5:34 م - زبيدة محمد علي شعب
مايو 15, 2023, 3:14 م - عبد الرحمن الكرد
مايو 15, 2023, 3:03 م - مني حسن عبد الرسول
نبذة عن الكاتب