أيتها الروح، يا شطري الآخر:
أين أنتِ؟
أين أجدكِ؟
أين تكونين؟
أين مكانكِ؟
أين زمانك؟
هل تتركين نصفكِ يقاسي الجراح، ويلاطم الأمواجَ؟
متى ستأتين؛ لتكوني له السكن؟
فهل يسكن شطر بغير شطره؟!
وهل يكون نصفٌ إلا بنصفه؟
مَن يعينها على هذه الحياة؟
وينشر فيها البسمة على الجِباهِ؟
كاذبٌ مَن يقولُ إنَّا نستطيع العيش دونك، ومراوغ من يدَّعي أن حياته مريحة من غيرك.
فأنت لنا كالروح، فهل يعيشُ أحدٌ بلا روح؟!
وأنت لنا السكن، فهل يعيش أحد بلا سكن؟!
وأنت روح المودة، فهل يرفض أحد المودة؟!
فلا تتركي قلبًا في هواك يُعَذَّبُ؟
فإن هذه الحياة مأساة ومشقة وعنت، فكيف لواحد أن يطيق كل هذا وحده؟ لا بد لهذه الحياة من قرين يشارك صاحبه، يحمل بعضهما عن بعض.
واليوم بعد أن تزوجت أقول:
إن الزواج نعمة عظيمة، فاز من أدركها بزوجة صالحة، وخاب وخسر من لم يدركها أو أدركها بزوجة فاسدة لم يحسن اختيارها. وأجمل ما في الزواج أنك تجد شطرك وروحك، أن تجد أنيسك، أن تجد نفسك وقد أُثقلت بهموم الدنيا وكرباتها ومشاقها وعنتها فتجد روحًا من روحك، ونفسًا من نفسك تحمل عنك من أثقالك، وتطمئن خاطرك، وتربت على كتفيك ربتة حنان وشفقة، وتشجيع وتحميس: قم يا بطل. فأنت لها.
لم يكن الزواج يومًا مفاخرة ولا منافرة، ولا عادات وتقاليد سيئة وتكاليف باهظة ومعاملة سيئة وإساءة بالقول والفعل.
كلا، بل مودة وحنان، وعطف ورحمة ومسؤولية، وتحمل واستماع وتقدير، واحترام ومشاركة وكلام طيب ومواساة.
أيها الزوج: هذه الزوجة ليست خادمة أو جارية عندك، بل هي روحك ونفس من نفسك، فإن ترضَ لنفسك الإهانة فارضها لها! وإن ترضَ لنفسك الإساءة فارضها لها!
أيتها الزوجة: هذا الزوج ليس مصرف أموال، وليس عدوًّا لك، بل هو زوجك وأب لأولادك، وهو روحك التي لا تحيا نفسك إلا برجوعها.
ويكفيني أن أذكر موقف السيدة خديجة بنت خويلد -رضي اللّه عنها- من النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- حين رجع من الغار خائفًا مرتجفًا فقالت له: "كلا والله لا يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلَّ (الضعيف المحتاج)، وتُقْري الضيف (تطعمه)، وتعين على نوائب الحق".
ما أجملها من كلمات تدل عظم محبة زوجة لزوجها الذي ما رأت منه إلا كل خير.
فأحسنا إلى بعضكما، واستمتعا بنعمة الزواج؛ فإن الحياة زائلة.
مبدع ... رائعة جداً
جزاكم الله خيرا على كلامكم الرائع وتشجيعكم
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.