خاطرة "سالومي حضور آخر"ج6.. خواطر وجدانية

في السيارة، اقتات بي الشوق ودثرني الحنين.

ولنفسي: أيها الفارس ماذا تصنع بالريح وحيدًا!

تتابعت الذكريات تخفف من شجني ترافقني كصديق قرر أن يلازمني من مسكني بحي الحسين إلى طريق المطار .

السيدة زينب وحي الحسين.. بابه الأخضر وقبابه العتيقة ومصابيحه البيضاء بر الأماكن وسمت الطيبين..

تملكني آخر مشهد للحسين وأخذتني رعدة خفية.. تذكرتُ الدماء التي تدور وتفارق وريد أصحابها حتى تبلغ مشارف الثريا.

رحلة الألم من عسقلان إلى القاهرة السفر حيا وميتا . دروب الرحلة وطريق الغرباء وتدثر الروح ببعد جديد .

كانت الأفكار تتداعى بلا محاولة مني لتنظيمها، تركت الطريق والأشجار والقلب ليعبر عن نفسه في هذا المقام ربما للمرة الأخيرة.

وبعد حين أوقف تدافع أفكاري وصولي أرض المطار.

يا لرحلة الغرباء!

دخلتُ بعد أن خلعت عواطفي لوهلة وذكرتُ نفسي أن هذه الرحلة لا بد أن تكتمل.

وقبل أن تفتح لي بوابات السفر نادني أحدهم: أستاذ عمار يوسف.. وحديث قصير .

-فاجأني هذا الاستجواب العابر.

-ولكن موعد الطائرة، وفي ذهني الهوية، جواز السفر، مفاتيحي، كتب الأذكار، مفكرتي، وغدرة سالومي.   

لنفسي: لا وقت للعتاب.

ولى زمان الأمسيات الرمادية.. لن يعود هذا القلب لسابق عهده أبدًا..

- كلها خمس دقائق.

ولكن الحديث استمر لقرابة الساعة، كاد موعد الطائرة أن يفوتني لولا وصولي مبكرًا وذكر في ثنايا الحديث هدبة عمار أو سالومي كما تسميها نفسي بعد حضورها الأخير،  ولم أكن أعي الوضع الجديد جيدًا حتى استجمعتُ أفكاري المبعثرة.

هدبة عمار زميلة الفصل، وجارة الحي، ونصفي الآخر، اسمي الذي يحيط كخاتم بأناملها واسمها الذي يحيط بعالمي...

وتطايرت الكلمات حولي واخترق حديثهم صمتك الأخير حديثك الموارب، جبال الغضب وفوران القطيعة والكثير من الأكاذيب المنمقة بالصور الرمادية، وخرجت من الغرفة الصغيرة بعد التحقق من أوراقي  لباب الطائرة  في سلام.

وها قد بدأت رحلة اكتمال الروح والتحليق في عالم جديد أصابني بعض الخوف القادم من المجهول، ولكن لا بأس بالاعتراف بضعفنا أعشق الوجود الحر دون أن تكلله رتوش القوة المصطنعة والاكتمال الزائف الذي يوضع حولنا كهالة زائفة.

هنيئا للعابرين رحيلهم ولقلبي سلام .

وفي ذهني بيت المتنبي: 

إِذا تَرَحَّلتَ عَن قَومٍ وَقَد قَدَروا أَن لا تُفارِقَهُم فَالراحِلونَ هُمُ . 

نحن من تحملنا الكلمات وتضيق بنا الدنيا. وتقبض عنا عمداً أياد فيحمل الله قلوبنا على أجنحة الملائكة .

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
ديسمبر 9, 2023, 1:03 م - عايدة عمار فرحات
ديسمبر 9, 2023, 12:59 م - صفاء السماء
ديسمبر 9, 2023, 12:27 م - سلمى العمري محمد
ديسمبر 9, 2023, 11:08 ص - بورغاية رابح
ديسمبر 9, 2023, 10:46 ص - سلمى العمري محمد
ديسمبر 9, 2023, 9:14 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
ديسمبر 9, 2023, 9:02 ص - آية محمد صادق
ديسمبر 8, 2023, 11:38 ص - نور الدين شعبو
ديسمبر 7, 2023, 11:33 ص - حبيبه شريف
ديسمبر 7, 2023, 9:03 ص - رايا بهاء الدين البيك
ديسمبر 6, 2023, 7:11 ص - لجين منير شاكر
ديسمبر 6, 2023, 5:39 ص - شيماء دربالي
ديسمبر 4, 2023, 12:50 م - عبدالله مصطفى المساوى
ديسمبر 4, 2023, 9:30 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
ديسمبر 4, 2023, 7:21 ص - عبدالله مصطفى المساوى
ديسمبر 2, 2023, 3:30 م - قدوه نمر الشعار
ديسمبر 2, 2023, 8:20 ص - سندس إبراهيم أحمد
ديسمبر 2, 2023, 7:52 ص - نور الدين شعبو
نوفمبر 30, 2023, 11:37 ص - سمسم مختار ليشع سعد
نوفمبر 30, 2023, 10:08 ص - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 29, 2023, 2:41 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 29, 2023, 8:24 ص - غزلان نعناع
نوفمبر 28, 2023, 7:06 ص - أسماء مداني
نوفمبر 27, 2023, 2:42 م - براءة عمر
نوفمبر 27, 2023, 1:17 م - عزوز فوزية
نوفمبر 27, 2023, 11:52 ص - سيرين غازي بدير
نوفمبر 27, 2023, 6:34 ص - بشرى حسن الاحمد
نوفمبر 26, 2023, 2:58 م - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 2:24 م - إبراهيم محمد عبد الجليل
نوفمبر 26, 2023, 10:15 ص - ايه احمد عبدالله
نوفمبر 26, 2023, 9:51 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
نوفمبر 26, 2023, 9:27 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 8:03 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:52 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:35 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:01 ص - محمد بخات
نوفمبر 26, 2023, 6:32 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 23, 2023, 12:46 م - رانيا بسام ابوكويك
نوفمبر 23, 2023, 10:41 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 23, 2023, 8:28 ص - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
نوفمبر 23, 2023, 7:26 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 22, 2023, 2:20 م - محمد سمير سيد علي
نوفمبر 22, 2023, 2:00 م - عبدالخالق كلاليب
نوفمبر 22, 2023, 6:45 ص - محمد بخات
نوفمبر 21, 2023, 8:51 ص - مدبولي ماهر مدبولي
نوفمبر 20, 2023, 7:41 ص - هاجر فايز سعيد
نوفمبر 19, 2023, 1:27 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 19, 2023, 1:07 م - محمد بخات
نوفمبر 19, 2023, 12:07 م - أسرار الدحان
نوفمبر 19, 2023, 11:06 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 19, 2023, 10:03 ص - فاطمة محمد على
نوفمبر 19, 2023, 7:49 ص - شاكر علي احمد عبدالجبار
نوفمبر 18, 2023, 11:36 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 10:56 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 8:09 ص - شيماء عبد الشافي عبد الحميد
نوفمبر 17, 2023, 6:13 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 16, 2023, 8:30 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 15, 2023, 6:01 م - كامش الهام
نوفمبر 15, 2023, 2:57 م - فاطمة حكمت حسن
نبذة عن الكاتب

نحن من تحملنا الكلمات وتضيق بنا الدنيا. وتقبض عنا عمداً أياد فيحمل الله قلوبنا على أجنحة الملائكة .