زلزال
غيوم كثيفة
أسود
صرخَ لم أعُد أستطيع أن أرى
لن أستطيع التحمُّل أكثر
وماذا عساي أرى؟
وأي حال أرى؟
أضعتُ شبابي عند باب الوطن
وما دخلت الوطن
لم أتذوق حلاوة تراب
أو أشم عبق هواء
كل شيء حزين ذابل
الشوارع اشتاقت للمشاة
والأماكن
والأشجار.. والأنهار
أرواحنا تتلاشى ببطء
هذا الخريف
لم تلبس الأشجار ثيابها للطرقات
والطرقات فارغة للأشباح
ترتجف عارية باردة
والعشاق افترقوا
فالحب سقط في امتحان الصمود
انتحار
أطفال عند أبواب المساجد
عنف
قتل
سلب ونهب
دمار
تسمَّر الجميع كالموتى ينتظرون
عسى ضوء يأتي من بعيد
وكم طال الانتظار
وكم طال الصمود
حتى غدت الأرواح تموت حية
ووجوه الأطفال غابت عنها الابتسامة
أزهار الوطن بلا رائحة
والقهوة بلا طعم
والأسنان ترقص بردًا
ترقص جوعًا
والقلوب تدق فقط خوفًا
من يمسك بيدي؟
لم أعد أريد الوقوف عند هذا الباب
فباب الوطن صدئ
يمنني بأني أقف عنده
ويمنني أني أراه
وأني أتنفس بقربه
أرجوك خذ بيدي أنت هناك
لا تتركني أنزف فقرًا لضوء وماء
قلوبنا ممزقة
مزقها فقر وجهل
عزفوا على أبشع الأوتار
فهتكوا بإنسانيتنا
ليتحكم فيها ذوي اللحة الطويلة
زلزال هنا وزلزال هناك
وما زلنا متفرقين
متى نعرف أننا أخوة بالإنسانية؟!
وجميعنا بشر
خلقنا من طين
خلقنا من ماء مهين
قلوبنا تحتاج غسيل
عقولنا
ضمائرنا
وكل إنسانيتنا تحتاج على ما يبدو لزلزال أقوى
زلزالاً يعيد إنسانيتنا
يدفن تحت أنقاضه تلك النفوس العفنة
يعيد ابتسامة الطفل المفقودة
ويضيء ما تبقى لنا من حياة
أنتم ألا تسمعون صراخًا؟!
ألا تسمعون بكاء؟!
تنادون بالإنسانية
فضحكم هذا الدمار
فضحكم هذا البكاء
فضحتكم تلك الطفلة وهي تحمي أخيها
فضحتكم أنفس بريئة ارتاحت من نفاقكم
حصاركم
متى ستنتهون؟!
ليعود الضوء
لتعود إلينا ضحكات اشتقنا لها
وأمان افتقدناه
ارفعوا أيديكم عنا
ارفعوا كذبكم عنا
ارفعوا قذارة أنفسكم وجشعكم
لا نريد أن ترفعوا أعلامنا لديكم فقط
نريد أن تمدوا لنا أيديكم
قفوا بجانبنا
امسحوا عنا عذاب سنين
فأقدامنا لم تعُد تستطيع الوقوف
احترامًا لأرواح ماتت
بريئة
مظلومه
البارحة ومنذ سنين
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.