خاطرة "رفقًا بالقوارير".. خواطر وجدانية

من قال إن الحياة لا بد أن تسير على وتيرة واحدة، فلا يوجد أي ضمان لذلك، فمن الممكن أن تنقلب الأحداث فجأة رأسًا على عقب.

لكن يمكننا أن نقول إنه لا بد من وجود دلائل تعطي الإنسان تمهيدًا بتغيير بعض أركان حياته، فعلى سبيل المثال الزوجة التعيسة في حياتها الزوجية التي ينفصل عنها زوجها بعد موقف معين.

يمكننا القول إنه ليس بالموقف الوحيد الذي تسبب في الانفصال، بل هو جبل من المواقف المتراكمة مثل اكتشافها كثيرًا من الغموض في حياة زوجها سواء في عمله أم في أمواله أم في حياته الشخصية.

فهي زوجه تعيش على هامش حياة زوجها، وليس من حقها أن تعرف عنه شيئًا، كأنها تعيش مع شخص غريب عنها، أو مثلًا تكتشف محادثاته الليلية مع أخريات أو انتقاد لها في غيابها أو كلامه الخبيث عنها.

حينها تشعر بأنها تائهة هشيمة تذروها الرياح، وعندما أتفحص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «رفقًا بالقوارير» أتعجب من دقة وجمال لفظه (قوارير)، فهو أنسب تشبيه للمرأة، فالمرأة زجاجية المشاعر لا بد من تجنب خدشها أو كسرها.

والإيذاء النفسي للمرأة أشد قسوة من الإيذاء البدني، فجروح البدن تلتئم أما جروح المشاعر تظل تنزف حتى الموت، فسحقًا لمن قسا وآذى وكسر وذل.

فكم من خصيم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، وكم من خائن لعهد الرسول الكريم حينما عاهد الرجال على حسن معاملة النساء في خطبة الوداع.

للأسف نعيش في مجتمع لا يعرف عن النساء سوى «واضربوهن»، و«اهجروهن»، و«مثنى وثلاث ورباع».

فبعض الأفكار الظالمة كأن تكون مسؤولية بناء البيت وتربية الأبناء تقع على عاتق النساء فقط، وأن خيانة الزوج لزوجته نتاج تقصير الزوجة فقط، وليس بسبب سوء خلق الزوج وقلة دينه، وتواجه المرأة أيضًا مشكلة الجفاء العاطفي.

فلا يحق لها أن تسمع حلو الكلام الذي يجعلها تشعر بالاطمئنان، فيعتقد الرجل أنه إذا عبر عن مشاعره لزوجته وأغدق عليها المشاعر والكلمات الرقيقة سوف يظهر ضعفه لها ما يجعلها تتحكم به، فكم من مرأة عاشت وماتت ولم تسمع كلمة واحدة رقيقة من زوجها.

أيتها المرأة، أنت الابنة والأخت والزوجة والأم، أنتِ أساس المجتمع، فلا تنهاري حتى لا ينهار المجتمع، كوني قوية بالله أولًا، ثم بنفسك ثانيًا.

أنتِ تملكين داخلك بركانًا من المشاعر والأحاسيس والأمل والنجاح، وإذا قدر الله لك حياة زوجية تعيسة انهضي بنفسك وبأولادك، رممي ما كُسر داخلكِ، واعلمي أن دائمًا داخل أي محنة منحة من الله، وقد أراد الله لك فرصة أخرى للحياة بعيدًا عن الألم، بعيدًا عن الكذب والنفاق والخبث، فأنتِ خلق الله وصنعه، ولستِ أمة لمخلوق.

لم يخلقكِ الله لتكوني أمة لرغبات زوج نرجسي لا يمثل لك السند والظهر في هذه الحياة، بل يتعامل معك بمبدأ المصلحة خادمة ومربية وممرضة ومعلمة وامرأة وقت الحاجة.

كل هذه المهن دون مقابل مادي أو معنوي، فتعيشي في دائرة مفرغة تجري أيامك وتمر السنين وتظهر الشعيرات البيضاء، وعندما تنظرين في المرآة ينتابك الذهول وتتساءلين: أين أنا؟ أين عمري؟ ماذا حدث؟

للأسف مر العمر وأنت منهكة، ضاع العمر في خدمة نرجسي لا يرضى ولا يشكر، بل دائمًا ينقض ويتذمر، وحينها تتساءلين: أين أحلامك المؤجلة؟

كنت أحلم أن أفعل كذا وكذا، أين عباداتي؟ فأنا مقصرة في حق ربي، ضاع عمري كله في خدمة هذا الشخص.

أريدكِ أن تنهضي وتجمعي بقايا نفسكِ، اصنعي نسخة جديدة منكِ مرحة مقبلة على الحياة، وضعي أهدافكِ أمام عينيكِ، وحاولي واثبتي نفسكِ.

وارجعي إلى هوايتكِ القديمة، واسقي زهور نفسكِ بالأمل والطموح، واجعلي رسالتكِ مع أولادك هدفًا، وكوني عنيدة مع نفسكِ، واثبتي ذاتكِ، فأنتِ تستطيعين أن تفعلي المعجزات.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

سبتمبر 26, 2023, 3:23 م

رائعة

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

أكتوبر 2, 2023, 6:45 ص

شكرا جزيلا لذوقك . تشرفت بتعليقك

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

سبتمبر 26, 2023, 6:38 م

أحسنتي جميل جدا

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

أكتوبر 2, 2023, 6:46 ص

شكرا جزيلا لذوقك . اسعدني ردك .

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

أكتوبر 16, 2023, 11:11 ص

احسنتي يا جميلة استمري

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

أكتوبر 18, 2023, 1:20 م

شكرا حبيبتى لذوقك

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
ديسمبر 9, 2023, 1:03 م - عايدة عمار فرحات
ديسمبر 9, 2023, 12:59 م - صفاء السماء
ديسمبر 9, 2023, 12:27 م - سلمى العمري محمد
ديسمبر 9, 2023, 11:08 ص - بورغاية رابح
ديسمبر 9, 2023, 10:46 ص - سلمى العمري محمد
ديسمبر 9, 2023, 9:14 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
ديسمبر 9, 2023, 9:02 ص - آية محمد صادق
ديسمبر 8, 2023, 11:38 ص - نور الدين شعبو
ديسمبر 7, 2023, 11:33 ص - حبيبه شريف
ديسمبر 7, 2023, 9:03 ص - رايا بهاء الدين البيك
ديسمبر 6, 2023, 7:11 ص - لجين منير شاكر
ديسمبر 6, 2023, 5:39 ص - شيماء دربالي
ديسمبر 4, 2023, 12:50 م - عبدالله مصطفى المساوى
ديسمبر 4, 2023, 9:30 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
ديسمبر 4, 2023, 7:21 ص - عبدالله مصطفى المساوى
ديسمبر 2, 2023, 3:30 م - قدوه نمر الشعار
ديسمبر 2, 2023, 8:20 ص - سندس إبراهيم أحمد
ديسمبر 2, 2023, 7:52 ص - نور الدين شعبو
نوفمبر 30, 2023, 11:37 ص - سمسم مختار ليشع سعد
نوفمبر 29, 2023, 2:41 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 29, 2023, 8:24 ص - غزلان نعناع
نوفمبر 28, 2023, 7:06 ص - أسماء مداني
نوفمبر 27, 2023, 2:42 م - براءة عمر
نوفمبر 27, 2023, 1:17 م - عزوز فوزية
نوفمبر 27, 2023, 11:52 ص - سيرين غازي بدير
نوفمبر 27, 2023, 6:34 ص - بشرى حسن الاحمد
نوفمبر 26, 2023, 2:58 م - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 2:24 م - إبراهيم محمد عبد الجليل
نوفمبر 26, 2023, 10:15 ص - ايه احمد عبدالله
نوفمبر 26, 2023, 9:51 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
نوفمبر 26, 2023, 9:27 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 8:03 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:52 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:35 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:01 ص - محمد بخات
نوفمبر 26, 2023, 6:32 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 23, 2023, 12:46 م - رانيا بسام ابوكويك
نوفمبر 23, 2023, 10:41 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 23, 2023, 8:28 ص - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
نوفمبر 23, 2023, 7:26 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 22, 2023, 2:20 م - محمد سمير سيد علي
نوفمبر 22, 2023, 2:00 م - عبدالخالق كلاليب
نوفمبر 22, 2023, 6:45 ص - محمد بخات
نوفمبر 21, 2023, 8:51 ص - مدبولي ماهر مدبولي
نوفمبر 20, 2023, 7:41 ص - هاجر فايز سعيد
نوفمبر 19, 2023, 1:27 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 19, 2023, 1:07 م - محمد بخات
نوفمبر 19, 2023, 12:07 م - أسرار الدحان
نوفمبر 19, 2023, 11:06 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 19, 2023, 10:03 ص - فاطمة محمد على
نوفمبر 19, 2023, 7:49 ص - شاكر علي احمد عبدالجبار
نوفمبر 18, 2023, 11:36 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 10:56 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 8:09 ص - شيماء عبد الشافي عبد الحميد
نوفمبر 17, 2023, 6:13 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 16, 2023, 8:30 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 15, 2023, 6:01 م - كامش الهام
نوفمبر 15, 2023, 2:57 م - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 15, 2023, 12:21 م - ساره محمود
نوفمبر 15, 2023, 11:00 ص - يغمور امازيغ
نبذة عن الكاتب