خاطرة «رسالة إليك».. خواطر حزينة

لم أنم لحظة واحدة منذ أمس، حاولتُ النوم كثيرًا لكن الأفكار كانت تتلقفني مثلما يتلقف مجموعة من الأطفال الصغار كرة مطاطية.

هكذا أنا منذ مدة طويلة، أعاني قلة النوم، أسهر بالليل وأنام بالنهار، حتى إنني فكرت جديًّا في الاستعانة بدواء منوم، لكن هذه الأشياء بالطبع لا تُباع في الصيدليات لكل عابر ولا بد من روشتة طبية.

إنني أقوم بعدِّ الأيام حرفيًّا، ساعات الليل القاسية تمرُّ في بطء، هالات سوداء وانتفاخات تكوَّنت تحت عينيَّ مع إرهاق وصداع دائم، ربما أنام أول الليل، لكن بعد الفجر يصحو ذهني ويبدأ في طرح الأسئلة والتحليل والتفكير.

أمس حاولت النوم أول الليل كما اعتدت لكني لم أستطع، حتى بعد ما صليتُ الفجر وجدتُ أن الأفكار والمشاعر تنهال عليَّ في ضراوة فأجهشت بالبكاء في هستيريا، ووجدتُ أن الكتابة هي الحل الأمثل لأستريح بعض الشيء.

إنني أمارس يومي بصورة عادية، كل مهام يومي المنزلية والعملية أفعلها بكفاءة، لكن توجد تلك الفجوة في صدري، إنني لم أنسك لحظة، أقوم بمهام اليوم بصورة روتينية، أفعل كل هذا؛ لأنسى، لكن هذا لا يحدث.

كأنما توقفت حياتي عند لحظة معينة لا يمكنني تخطيها، وقد شرعت في محاولة معرفة الرسائل الربانية والفوائد العائدة عليَّ من هذا الابتلاء القلبي الشديد، ووصلتُ إلى أجوبة كثيرة أراحتني بعض الشيء، لكنها لم تغلق تلك الفجوة في صدري مطلقًا.

أظنُّ أن من قال الجملة المشهورة "البعيد عن العين بعيد عن القلب" شخصٌ لم يذق مشاعر الحب طيلة حياته، في حين أجد عبارة نزار قباني الشهيرة "إن لم يزدك البعد حبًّا.. فأنت لم تحب حقًا" أجدها أكثر دقة.

ظللت طول الوقت أتظاهر بالصلابة والجمود، وأنني لن أسمح لمشاعري بالانجراف أبدًا، وأنك ما زلت تقف على أبواب قلبي منتظرًا أن أسمح لك بالدخول، حتى حدث ما حدث، وفوجئت بك قد غافلتني واجتزت أبواب قلبي كلها على الرغم مما وضعته من مزاليج لتستقر هناك في الأعماق.

هل تعلم كيف وصلتَ هناك؟ بالصدق، أحسبك صادقًا في كل كلمة وكل شعور، حتى ومن حولي يخبرونني أنه قد رحل ولن يعود، وعليكِ المضيّ قدمًا في حياتكِ، وكأن زر النسيان موجود في مكان ما ينتظرني فقط لأضغط عليه وأصير أفضل.

حتى وأنا أقاوم حديثهم وأرفضه من أعماقي مع أنه التفسير المناسب والمنطقي لمرحلة الصمت المطبق هذه، كان جزءًا مني يرفض حديثهم وتفسيرهم، أهتف لنفسي "إنه ليس كما تقولون، لقد لمست الصدق معه في كل شيء وكل كلمة، حتى بعض المشاعر التي وصلتني دون كلام، هو ليس بهذه الأنانية".

لستُ نادمة على أي قرار، بل كان قراري بالابتعاد هو القرار الصائب في التوقيت المناسب، لكني لم أحسبه قاسيًا لهذه الدرجة، إنه يمزقني حرفيًّا كل يوم، لقد وصلت إلى أعلى درجات الألم التي طالما هربتُ منها، وقد عدتُ وحيدة أكثر من قبل، وساد الصمت كل شيء بعد ما كانت حياتي صاخبة وذات معنى.

عبارة محمود درويش الشهيرة "‏لا أنت بعيد فأنتظرك، ولا أنت قريب ‏فألقاك، ولا أنت لي فيطمئن قلبي، ‏ولا أنا محرومٌ منك لأنساك، ‏أنت في منتصف كل شيء" هي عبارة تصف حالي بالضبط.

لم أسعد بأي إنجاز حقَّقته طيلة هذه المدة، أتذكرك كثيرًا في تفاصيل بسيطة ولو حتى عبر غسول للفم لمحته في السوبر ماركت، جملة سمعتها منك، تفاصيل صغيرة تزورني من حين لآخر كل يوم، لكني أحاول تجاهلها، وفعلًا أحيد ببصري عنها لكن بعد ما تترك أثرها الغائر في أعماقي.

أهدئ نفسي بأن ربما هذا هو الثمن المطلوب ليستريح كلانا ونصير معًا بالطريقة الصحيحة، لكن هذا لا ينفي الوجع ولا مرارة البُعد، والأيام الصعبة التي أضطر لاجتيازها يوميًّا، فقد صرت زاهدة في كل شيء، حتى إنني تمنيت الموت مرة، فلم أعد أريد من الدنيا شيئًا على الإطلاق، وكفاني اختبارات.

لقد مررتُ باختبارات قلبية كثيرة اجتزتها كلها بفضل الله تعالى، لكن هذا هو أقساها، تمنيتُ أن يعود بي الزمن لأقول "لا" على أشياء كثيرة، وعلى تأخير قرار الابتعاد، لكن هذا هو القدر، ولا مفر منه.

المشكلة أنني في نفق مظلم ولا أعلم نهاية هذا كله، لا أملك سوى الصبر والدعاء، وألا تنتهي هذه القصة كسابقيها بالفراق الذي تجرَّعت كأسه مرارًا ولطالما خشيته وابتعدت عنه.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

وصف دقيق مشاعر صادقة
دمتى مبدعة
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

كنت فاكرة أن محدش بيشوف اللي بكتبه اصلا، ردك اسعدني جدا
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

حقا انت رائعة وكلماتك
تدخل القلب دون استأذان
دمتى مبدعة يسعدنى مرورك
على صفحتى
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

ابدعتي كلامك نابع من اعماق قلبك ولقد وصل الى قلبي حرفياً نعم كلاماتك ومنهجة حروفك اثرت فيا بكل ماتقولة الكمان مزيد من تفوق ونجاح احسنتي
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

أشكرك جدا على كلامك، تشجيعكم ح يدفعني لكتابة المزيد
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

نعم عزيزتي أنت فعلا مبدعة وأنا حبيت كل حرف من كلماتك
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

أنني تابعتك عزيزتي ارجو منك تقرائي مقالتي وتتابعينن ولك جزيلا الشكر
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

حاضر ح اتابعك، ومتابعتك تشرفني جدا
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

عزيزتي وأنا كمان أو يشرفني يا عزيزتي
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة