خاطرة «رحيل الصيف».. خاطرة اجتماعية

قد تطلب من الشتاء مازحًا الرحيل عندما يشتد طقسه ويقسو جوه؛ لأنك لم تعد من محبيه، لكن الأمر هذا العام قد اختلف كثيرًا، فقد بدا لك جليًّا، بل وتيقنت أنه لا بد وأن تطلب ذلك صراحة من الصيف الذي تحبه أو إن شئنا قولًا تفضله على الشتاء.. نعم الصيف؛ ففصل الصيف هذا العام كان قاسي الوطأة، شديد الهجمة، مؤلم الإحساس.

اقرأ أيضًا: خاطرة «الانسحاب اللائق».. خواطر اجتماعية

لم نعهد صيفًا بتلك الضراوة في بلادنا من قبل، لكن الأمر ليس بمستغرب فقد استحال كل شيء حولنا لما هو على غير ما كان، وليس فصل الصيف فقط.

ولأن الحديث ينصب على فصل الصيف فلا غبار على أن توجد عوامل عدة قد أدت لهذا الجو شديد الوطأة على الأجسام والنفوس معًا.. ومن تلك العوامل: العامل الذي نراه رئيسًا: التغير المناخي الذي أصاب البلاد، كل البلاد، من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها.. أصابها وضربها في مقتل؛ فأضحت الفصول الهادئة شرسة والشرسة أشد شراسة، فهذا فصل الصيف الذي كان يمتاز بجوه الجاف في غالب مدن مصر، باتت حرارته قاسية حتى على المناطق التي كان يرجى منها صيفًا لطيفًا.

مقدمات التغير المناخي

عندما تغير المناخ لم يكن ذلك مفاجأة أو حدث بين ليلة وضحاها، بل هو أمر تكاثفت سحبه منذ سنوات عدة، حتى أثقلت، فما كان منها إلا أن اتخذت قرارها بأن تهطل على العالم محدثة ذلك الإحساس المؤلم في فصل حُسِبَ أنه جاف حار، فأصبح حارًا جدًا، بل شديد الحرارة.

أتى تغير المناخ الذي اجتاح العالم بجيوشه العاتية، فقطعت الأشجار، وجرفت التربة، وبني محلها المستحدثات من مبان سكنية، ومنشآت صناعية، ومراكز تجارية بأنواع شتى، وغير ذلك كثير، ما أغضب الهواء النقي الذي هو الأكسجين، فاتخذ قراره المحزن بالرحيل شيئًا فشيئًا، تاركًا وراءه الساحة تعج بهواء ملوث وضار، الذي هو ثاني أكسيد الكربون، ليحل محله في الإقامة شبه الدائمة، هو وأقرانه العتاة من غازات ضارة أخرى، ما سبب إزعاجًا شديدًا لسكان الأرض، فهزلت الأجسام، ومرضت الأبدان، وضِيق بالأنفاس.

إذن ما الحل للحيلولة دون تغير المناخ لما هو أسوأ؟

 عندما وصل الأمر إلى هذا الحد المؤسف فإن الحل بالطبع لن يكون سريعًا وميسرًا، وإن كان في متناول اليدين، إن الحل يحتاج إلى عدة أمور، التي منها العزم على تعديل الوضع، بعد أن اعوج بسبب التغيير المقصود وغير المقصود في المناخ، العزم على إطلاق صرخة في وجه الفساد في الأرض، وعدم احترام الطبيعة، والأنانية في استخدام مواردها على حساب آخرين لهم كل الحق مثلنا في بيئة نقية وهواء صاف وحياة سليمة.

من المؤسف في مشاهد كثيرة نراها سماعك لمقولة تقول إن بيوتنا رائعة بينما شوارعنا تسودها الفوضى، ويعمها التلوث، وتنخر في طرقاتها المهملات؛ فهو وهي وهم ليسوا في حالة اهتمام تذكر بأن الشارع له حق علينا جميعًا، وليس بيوتنا فحسب.

إن تنظيفنا طرقات الشوارع مثلما ننظف بيوتنا، وتجميلها بزراعتها بالنباتات البسيطة، والأشجار المناسبة، وعنايتها ورعايتها، وتفقدها بين حين وآخر بالري والسقيا، وما تحتاج إليه من اهتمام لهو جانب رائع يدل على أننا نسير في الطريق الصحيح.

إن تخصيص مكان جانبي بعيدًا عن منتصف الطريق تقف فيه السيارات الصغيرة والمتوسطة، وتركن فيها الشاحنات والمعدات الثقيلة لهو قرار صائب على نحو عظيم للحفاظ على البيئة، والحد من تغيرها للأسوأ.

إن  تجنبنا بناء المباني السكنية والمنشآت الصناعية في أمكنة خصوبتها عالية نأمل أن تعطينا طعامًا طيبًا يفيد أجسامنا، وينفع أبداننا لهو تصرف ينم عن عميق إحساس بدورنا في خدمة البيئة التي ما ضنت علينا بعطائها إلا حينما أبينا.

إن استخدام طاقة نظيفة متجددة تشغل الآلات والمعدات في المصانع والأجهزة المنزلية في البيوت سوف يجعل الهواء النقي يعيد التفكير في قرار الرحيل الذي اتخذه من قبل، ويعود ليلقي بنسماته العليلة علينا ذهابًا وإيابًا.

ختامًا فإن حرصنا على هذا ستحقق الحلول على أرض الواقع، كل في موقعه، وبالقدر الذي يستطيعه؛ فيقينا سيرجع إلينا المناخ كما نحب أن نحيا في أجوائه، وكما يجب أن يكون، فقط لنسرع في البدء .

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

شكرا لك شكرًا جزيلا.
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة