أنا أصارع كل يومٍ وأحارب بما تبقى من روحي، رسمت طيف حياتي في طفولتي، كانت وردية تلك الحياة في مخيلتي، خالية من الشوائب، أين أنا الآن؟
أمٌ مكافحة ومناضلة لتؤدي جميع الأدوار، تحاول عبثًا أن تجد لنفسها حرية تحقيق ذاتها دون جدوى.
تبحث عن الرضا الذاتي ولا سبيل له، سعيدةٌ بجبروتها للتحمل والصبر لكن غير راضية.
أنا الآن في حضرة صوت أم كلثوم وهي تدندن (فات الميعاد) هل فات حقًا؟
ما يؤلمني أني تمنيت فقط إيجاد السبيل، فكيف السبيل أخبروني بحق الله؟
حسنًا سأروي لكم القليل منذ قيام عاصفة قلبي.
خريف 2014 أكتوبر..
كنتُ مقبلة للتسجيل في الجامعة وفي هذا اليوم بالتحديد كان عليّ أن أكون في قمة سعادتي!
لكن شيءٌ ما كان يضغط على صدري، ويشعل نيران تحرقني، حتى رن هاتفي...
صوت أمي يخبرني أسوأ خبرٍ... الخبر الذي قصم ظهر البعير وأحدث الطوفان في حياتي.
خبر موت أخي.. حبيبي وعزوتي.. صاحب عينا الغزلان وأطيب قلب.
وكما تألمت سوريتي وكل منزلٍ بها، شعرت كأنما أوجاع الجميع في داخلي، ثمة صراخٌ يرفض التوقف.
حاولنا أن نقف بثباتٍ على أقدامنا عبثًا لكن الصبر الذي ألهمنا به الله كان كفيلٌ لكي نستمر.
هذه كانت الضربة الأولى، ومن ثم!
أحببت...
الحب الذي ينقلك إلى عالم أفلاطون المثالي، عالم المثالية والجمال، الحب الذي يشعرك بأنك أجمل شخصٍ على وجه الأرض، ذاك الحب الذي نوَّر معالم وجهي.
ما ذنب هذا الحب لكي يشوَّه؟
وكما حدث لكثير من قصص الحب السورية من تشويه للحب بعد تعرضه للفقر والألم والتفكير المطول، حدث معي كذلك.
لم يجد حبنا فرصة لأن يكبر معنا، إنما كبرت الهموم وآنستنا تلك المشاعر السامية، وبات أقصى ما نفكر فيه هو كيف نؤمن لقمة عيشنا للغد؟
لم نجد حائطًا يحتوي حبنا واستقلالية مشاعرنا...
كل هذا كان محتمل، حتى إني كنت أجمّل معالم حياتنا بالصبر والضحك.
لكن ماذا عن اليأس؟ الإحباط؟ الحنين؟
أشعر كأنما سلب مني كل شيء، جميع المشاعر اللطيفة التي كانت تجعل عيناي تبرقان، واستحوذ مكانهما شعور الفشل والإحباط واليأس.
كل ما أرجوه هو أن أتخطى كل هذا وأنجح في تحقيق ذاتي وإعالة نفسي دون الحاجة إلى أحد.
هل هذا حلم صعب التحقق؟ هل أصبحت فكرة الاكتفاء والاستقلال ماديًا دون الحاجة إلى أحد مستحيلة إلى هذا الحد؟ هل أصبح النجاح حلمًا صعب المنال؟
أحن إلى طفولتي إلى زمن بلا أوجاع.. إلى لمة عائلتي وصوت البزق يصدح في الأرجاء بأنامل أخي.. وضحكاتنا تعلو دون أدنى شعور بما يجري حولنا.
أحن إلى صوت فيروز مع نسمات الهواء المعطر ببرودة خفيفة يلفح وجهي في أوقات الصباح السوري الهادئ.
والآن انتهى فنجان القهوة وصوت أم كلثوم لا يزال يلهب قلبي وعقلي.
لا كلام بعد الآن سوى كلمات أم كلثوم (تفيد بإيه يا ندم).
أعتقدُ أني سأغلق باب الذاكرة هذا لأعاود فتحه مع أملٍ ما.
مساؤكم أمل ينبثق من المستحيل.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.