خاطرة "ذكريات سرمدية".. خواطر وجدانية

نظرتُ إلى المرآة كانت نظرةُ الخوفِ باديةً في عينيَّ، لم أعلم ماذا أفعلُ حينها لقد رأيتُ شخصًا ينظر إليّ، كانَ شخصًا مخيفًا حدَّ الموتِ، ولم يكن في البيتِ أحدٌ سوانا.

في مساءِ أحدِ أيَّامِ ديسمبرَ الباردة كانَ المطرُ يهطلُ بغزارةٍ، كانت جدتي تروي فوازيرَ لصغارِ عائلتنا الذين تحمسوا جميعًا لمعرفةِ الإجابةِ كتحمسنا للإجابةِ عليها عندما كنّا صغارًا بعمرهم وأمهاتنا قاموا باجتماعٍ مهمٍّ وحدهم ليرووا قصصًا مضحكةً عنا، وجدّي مشغولٌ بشويِّ الكستناء، أمَّا أنا فكنتُ أتأملُ جمالَ تلك اللوحة العائلية الدافئةِ، التي تدفئُ قلوبنا قبلَ أن تدفئ أجسامنا.

ومن ثمَّ بدأتْ صورةُ عائلتي تتبدَّد، كان كلُّ شخصٍ يتحوّلُ إلى سوادٍ يلبسُ عباءةً قاتمةً وانطفأتْ الأضواءُ، وبدأت النارُ التي في الموقدِ تشتدُّ وكأنها تتراقصُ في الهواء، وبدأتُ أسمعُ ضحكاتٍ عاليةٍ صاخبة وكأنَّ الضحكاتِ كانت تخرجُ من داخلي، وأصواتُ قططٍ تأنُّ وكأنها كانت تُقتَل، قاموا جميعًا ووقفوا رتلاً واحدًا وبدأوا بالتوجّهِ إليّ.

فتحت عيناي وإذ بالأولاد ينظرون إلي، صرختُ ابتعدوا عني، فابتعد الجميع خطوة، انتظرت حتى يتكلم أحدهم ولكنهم كانوا في دهشة من صراخي..

وما هي لحظات حتى جاء الجميع راكضًا وقالت أمي هل أنتِ بخير؟ فهززت برأسي، ثم وجدت يدًا تمتد إلى حاملة كأس ماء، نظرت فإذ بها بنت خالي رؤى التي تكبرني بخمس سنوات أخذتها وشربت، قالت لي لقد قلت أنك تشعرين بالنعاس وأنك ذاهبة لأخذ غفوة لم تكوني بخير حينها ظننت أنك مريضة.

لقد كان حلمًا سيئًا، ثم جلس جدي بجانبي ووضع يده على رأسي وبدأ يتلو آيات من القرآن، وبعد فترة أحضروا الكستناء وأكلنا وعاد كل شيء إلى وضعه الطبيعي ولكني لم أعُد لوضعي الطبيعي، ما زلت مزعوجة من شيء ما، الشيء الذي لا أفهمه لماذا لا أتذكر متى قمت وذهبت للنوم ولم أتذكر شيئًا من الحوار الذي قالته رؤى... 

ذهب الجميع وبقيتُ أنا وجدي وجدتي، فقد اقترحت جدتي أن أبقى وأنام معها لأن جدي سيذهب الليلة في تجارة له، وبقيت بنت خالتي رؤى من أجلي.

تلك الليلة عاودتني الكوابيس الغريبة، أسمع صوت رعد وأرى البرق يلمع بشدة فينير الغرفة بأكملها أستيقظ، فلا أرى ولا أسمع شيئًا حتى أن المطر كان قد توقف منذ زمن، وما إن هممت بالعودة لأنام مرة أخرى إذ سمعت صوت طفل صغير يبكي تتبعت مصدر الصوت، لقد كان يصدر من خزانة إحدى الغرف.

توجهت لهناك وكأن قدميّ تمشيان دون أمر مني وما إن أردت فتح الخزانة حتى فتحت وخرج منها طفل صغير يركض باكيًا، صرخت بأعلى صوتي وسقطت، لم تعُد قدماي تستطيعان الوقوف،  وعيناي لم تعٌد تستطيعان التوقف عن البكاء، لقد كان الطفل مطعونًا!

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
نبذة عن الكاتب
مقالات الكاتب الأكثر شعبية