خاطرة "ديسمبر في العالم الآخر".. خواطر وجدانية

الثالثة وخمس وعشرون دقيقة فجرًا من يوم الخميس الموافق للثاني والعشرين من شهر كانون الأول عام ألفين وواحد وعشرين...

شبح الموت يقف ورائي، أرى ظلًا يغطي الحائط أمامي، ودقات الساعة صوتها المرتفع يغطي المكان، أقف في ظلام الغرفة كالصنم بلا حراك أحدق بالحائط وأشعر بالخوف والبرد، خائف من ذلك الشبح الذي يقف ظله أمامي ينتظر ساعتي لتتوقف ليأخذني إلى مكان بعيد أشد ظُلمة وبردًا من هنا...

جف حلقي وأصبح كومة صوف، أود أن أحتسي بعض كلمات لينة ليذهب عني كل هذا الرعب، أود عناقًا صادقًا لأنسى وجود هذا الشبح الذي يقف خلفي...

لكن لا يوجد أحد هنا، فقط أجد شبحًا أشد رعبًا من ذلك الذي يقف خلفي، إنه أنا!

الأمر بدأ من زمن، فقد كنت أسير وحدي ذات شتاء حزين وينتابني شعور بالوحشة لم أشعر بمثله قط، وزخات المطر أسمع صراخها وهي تصطدم برأسي لتتحطم ولتتمزق معها أحلامي إلى أشلاء، والعشاق حولي يتراقصون أسفل مظلاتهم احتفالًا بالمطر، وكأن الرب أراد أن يبارك حبهم كما أراد أن يبارك حزني...

شعرت حينها بأني شبح لا يراه أحد ولا يشعر بوجوده أحد، لا يحق لي أن ألمس أحدًا ولا أن يلمسني أحد...

أسير كذرة غبار في كون وردي لا أرى فيه إلا اللون الرمادي، طيف غير ملموس أهيم خائفًا بين الناس، كنت أسير وتجول في رأسي أفكار من تلك، فإذا بي ملقى على أرض الشارع، ودمي مختلط بماء المطر، لم يشعر بي العشاق حولي، لم يشعر بي أي أحد...

شعرت حينها بأني سأظل مستلقيًا هكذا حتى يتحلل جسدي، فما هي إلا لحظات حتى وجدت نفسي في هذه الغرفة المظلمة إلا من وهج ضوء شعلة صغيرة من النار في ركن الغرفة، حسنًا أظن أن الأمر بدأ قبل ذلك بقليل، كان في تلك الليلة قبل هطول المطر بلحظات، كان آخر لقاء لي بحلوتي.

فوجئت بها وبلا مقدمات تلقي علي كلمات تخلو من أي شعور إنساني، تقذفني بحجارة غير آبهة بالمكان الذي سيصيبه الحجر تلو الآخر، فارقتني في منتصف الطريق، نعم فالصادقون فقط هم من يتجاوزون المنتصف، أدارت لي ظهرها بمنتهى السرعة ودون مبالاة غير مهتمة بيديها العالقتين في قلبي، تحيطان به وتخنقانه بقوة...

وما إن أدارت ظهرها حتى هطل المطر بكل قوة ودون مقدمات، شعرت أن السماء كانت تبكي علي لشدة صدمتي...

شعرت أن السماء أرادت أن تملأ الأرض لتغرق معذبتي فيها، أدارت لي ظهرها ولم تترك لي مظلة حب أشعر تحتها بالأمان لتحميني من عواصف الحياة، لم تلف عنقي بكوفية عطف تدفئني، ذهبت ولم تبال، فقط لم تبال...

وأنا من حينها عالقٌ في هذا المكان البارد يحيط بي شبح الموت محضرًا معه جيشًا من الرعب والبرد والظلام، أقف مبتلًا أحدق في الحائط خائفًا كالمشلول.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
ديسمبر 2, 2023, 8:20 ص - سندس إبراهيم أحمد
ديسمبر 2, 2023, 7:52 ص - نور الدين شعبو
نوفمبر 30, 2023, 11:37 ص - سمسم مختار ليشع سعد
نوفمبر 29, 2023, 2:41 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 29, 2023, 8:24 ص - غزلان نعناع
نوفمبر 29, 2023, 7:31 ص - سادين عمار يوسف
نوفمبر 28, 2023, 7:06 ص - أسماء مداني
نوفمبر 27, 2023, 2:42 م - براءة عمر
نوفمبر 27, 2023, 1:17 م - عزوز فوزية
نوفمبر 27, 2023, 11:52 ص - سيرين غازي بدير
نوفمبر 27, 2023, 6:34 ص - بشرى حسن الاحمد
نوفمبر 26, 2023, 2:58 م - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 2:24 م - إبراهيم محمد عبد الجليل
نوفمبر 26, 2023, 10:15 ص - ايه احمد عبدالله
نوفمبر 26, 2023, 9:51 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
نوفمبر 26, 2023, 9:27 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 8:03 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:52 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:35 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:01 ص - محمد بخات
نوفمبر 26, 2023, 6:32 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 23, 2023, 12:46 م - رانيا بسام ابوكويك
نوفمبر 23, 2023, 10:41 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 23, 2023, 8:28 ص - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
نوفمبر 23, 2023, 7:26 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 22, 2023, 2:20 م - محمد سمير سيد علي
نوفمبر 22, 2023, 2:00 م - عبدالخالق كلاليب
نوفمبر 22, 2023, 6:45 ص - محمد بخات
نوفمبر 21, 2023, 8:51 ص - مدبولي ماهر مدبولي
نوفمبر 20, 2023, 7:41 ص - هاجر فايز سعيد
نوفمبر 19, 2023, 1:27 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 19, 2023, 1:07 م - محمد بخات
نوفمبر 19, 2023, 12:07 م - أسرار الدحان
نوفمبر 19, 2023, 11:06 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 19, 2023, 10:03 ص - فاطمة محمد على
نوفمبر 19, 2023, 9:02 ص - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 19, 2023, 7:49 ص - شاكر علي احمد عبدالجبار
نوفمبر 18, 2023, 11:36 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 10:56 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 8:09 ص - شيماء عبد الشافي عبد الحميد
نوفمبر 17, 2023, 6:13 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 16, 2023, 8:30 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 15, 2023, 6:01 م - كامش الهام
نوفمبر 15, 2023, 2:57 م - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 15, 2023, 12:21 م - ساره محمود
نوفمبر 15, 2023, 11:00 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 15, 2023, 9:50 ص - ميساء محمد ديب وهبة
نوفمبر 15, 2023, 8:56 ص - حسن خليل سعد الله
نوفمبر 15, 2023, 7:54 ص - عمرو عبد الحكيم عوض التهامي
نوفمبر 14, 2023, 4:39 م - رزان الفرزدق مصطفى
نوفمبر 14, 2023, 1:22 م - شهير عادل الغاياتي
نوفمبر 14, 2023, 9:41 ص - أسماء مداني
نوفمبر 14, 2023, 6:27 ص - أسماء منصور علي
نوفمبر 14, 2023, 5:24 ص - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 13, 2023, 12:03 م - سندس إبراهيم أحمد
نوفمبر 13, 2023, 11:17 ص - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 13, 2023, 6:43 ص - رؤى مالك القاضي
نوفمبر 12, 2023, 2:15 م - ميساء محمد ديب وهبة
نوفمبر 12, 2023, 12:25 م - عامر محمود محمد
نبذة عن الكاتب