كانت أمل تعلم جيدًا أن الحياة الزوجية ليست نزهة، وأن التفاهم والاحترام هما الأساس الذي تُبنَى عليه أي علاقة دائمة. لكن في تلك اللحظة، كانت تتساءل: هل من الممكن أن تظل مبادئها ثابتة في مواجهة الخيانة؟
لم يكن عمر زواجها طويلًا، لكنه كان مملوءًا بالحب والتضحيات. كان أحمد، زوجها، هو كل شيء لها في البداية. كان في عينيها بطلًا، ونصفها الآخر، وحلمها الذي تحقق. لكن شيئًا ما بدأ يتغيَّر في الأشهر الأخيرة. كان أحمد يتأخر في العودة إلى المنزل، ويصبح حديثه مع أمل مقتضبًا. على الرغم من كل محاولاتها، كانت تجد نفسها تنغمس في تساؤلات لا تجد لها إجابة.
ثم جاء اليوم الذي اكتشفت فيه الحقيقة. كانت عادتها أن تفتح بريدها الإلكتروني في المساء لتفحص الرسائل. لكنها لم تكن تعلم أن هذه المرة ستكون مفصلية في حياتها. كان هناك رسالة واحدة مختلفة عن المعتاد، عنوانها ببساطة: "من سارة". قلبها بدأ ينبض بسرعة، وعيناها تنتقلان بين الكلمات على الشاشة.
- "أريدك. أنا لا أستطيع العيش دونك. هل تترك أمل؟"
كانت الكلمات تتراقص أمام عينيها، وكل حرف كان ينغرز في قلبها كالسكاكين. كانت سارة، تلك الفتاة التي كانت تعرف عنها فقط بواسطة القصص التي كان أحمد يرويها عن زملائه في العمل، هي التي سرقت منه ما كان لها. كان لديه علاقة بسارة طوال الأشهر الأخيرة، مع أنه كان يدَّعي أمام أمل دائمًا أنه مشغول بأمور العمل.
أمسكت أمل بهاتفها بقوة، وجلست على طرف السرير، غير قادرة على الحركة. كان ذهنها يعجز عن استيعاب ما قرأته. قلبها مملوء بالشكوك والآلام، لكن عقلها كان يعمل بسرعة:
- "كيف أقبل هذا؟ كيف أعيش مع شخص غدر بي؟"
في اليوم التالي، جلس أحمد معها بعد عودته من العمل، وكان يبدو هادئًا كما لو أنه لم يفعل شيئًا. لكنه كان يعلم أن أمل تعلم كل شيء. نظر إليها بعينين خاليتين من الندم، كما لو أن الخيانة كانت أمرًا طبيعيًّا في حياته.
قال وهو يحاول تبرير نفسه:
- "أمل، أنا... لم أكن أريد أن أؤذيكِ. كانت مجرد لحظة ضعف، ولا تعني شيئًا."
لكن أمل، التي كانت تحتفظ بكلماتها طوال تلك الأيام، قالت بهدوء، ولكن مع قسوة في نبرتها:
- "لا شيء يبرر الخيانة. لا شيء يمكن أن يعيد الثقة التي فقدتها فيك. ربما كنت أستطيع أن أفهم إذا كان الأمر خطأً عابرًا، لكنك جعلته قرارًا متعمدًا. وأنت الآن تتحدث وكأن شيئًا لم يكن."
أحمد شعر بصدمة، كما لو أنه لم يتوقع رد فعلها هكذا. كان يظن أنها ستغفر له، كما فعلت في مرات سابقة عندما أخطأ. لكن هذه المرة كان الأمر مختلفًا. أمل كانت قد وصلت إلى نقطة لا عودة.
قالت أمل بعد صمت طويل:
- "أنت خنتني، خنت ثقتي. هذا ليس مجرد خطأ عابر، هذا تغيُّر جوهري في علاقتنا. وأنا لا أستطيع أن أعيش مع شخص لا يقدِّرني."
ثم قامت من مكانها، ومشت نحو الباب. كانت هذه المرة هي المرة الأولى التي تشعر فيها أن قلبها لم يعُد متصلًا بهذا الرجل الذي كان يومًا كل عالمها.
"أنا أستحق أكثر من هذا." همست في نفسها، قبل أن تخرج من المنزل وتغلق الباب وراءها.
لم تكن أمل قد قرَّرت بعد ما الذي سيفعله الزمن معها، لكنها كانت تعلم شيئًا واحدًا: لن تقبل أن تكون في علاقة يسودها الكذب والخيانة.
كانت أول خطوة لها نحو الحرية هي أن تترك وراءها خيبات الأمل، وأن تمضي قدمًا نحو حياة جديدة، لا مكان فيها للغدر.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.