هل تؤثر العلاقات الإنسانية وتجارب الحياة فينا دون أن نشعر؟ هل يتبدل نهج حياتنا في التعامل والتواصل مع الآخرين على المستوى الاجتماعي بمرور العمر رغمًا عنا؟ ربما يزيد التواصل وربما يتضاءل؟
وقد ينقطع الاتصال تمامًا أو يصل عند البعض إلى حالة غير مبالاة أشبه بالانعزال والنسيان فيصير الفرد لا يعنيه أي شيء، أو يهتم بأي حدث اجتماعي يحدث من حوله، بل يكتفي بعلاقات محدودة تقتصر على محيط الأسرة النووية الصغيرة الزوجة، الأبناء، الأحفاد.
أجل قد تكون الحقيقة مؤلمة لكنه واقع حياتنا الذي نعيشه فهناك الكثير من العلاقات في حياتنا تحتاج إلى تحليل، إلى فهم، فهي غير واضحة، مشوشة، لكن غالبًا هي ما يطلق عليها علاقات المصالح والظروف التي يفرضها التعايش الإجباري فنعيش كل مرحلة بخصائصها التي يفرضها العمر والوظيفة والحالة الاجتماعية، سواء كنت أعزبًا، متزوجًا، لديك أبناء، أو لم تنجب بعد.. إلخ ولكن قد تكتشف في مرحلة ما من عمرك أن هناك علاقات ومجاملات ظاهرها الود، لكنها مغلفه بالنفاق والتملق والرياء، بالود المصطنع الذي يغلب عليه طابع النفاق الاجتماعي، القائم على تبادل المنفعة خدمة مقابل خدمة مصلحه خلاف مصلحه، وضعك الوظيفي هل يمكن الاستفادة منه في يوم من الأيام أم لا؟
هي قائمة على المصلحة البحتة تغلفها المجاملات الزائفة، تشعر معها بمن يؤديها كأنه مضطر حتى لا يتهم بالتقصير فهي علاقات وقتية يحكمها الزمن والمكان الذي يجمع أفرادها وثمة هذه العلاقات أغلب تفاصيلها وليست كلها بالطبع يحمل طابع العلاقات المؤذية والتي غالبًا تشكل ضغطًا على المستوى النفسي قد يصل بك إلى حالة من الحزن والأسى وعدم التصديق لردود الأفعال التي تراها من حولك سواء كانت بين أصدقاء أو أقارب أو زملاء عمل.. إلخ أو أي شكل من أشكال العلاقات التي تتصف أيضًا بالنرجسية والوصولية والكذب واللوم المتكرر لدى البعض..
لذلك حينما تفطن إلى تلك العلاقة تيقن تمامًا أنها لن تستمر طويلاً لأنها مرتبطة بعامل الوقت والأحداث الحياتية والتي تؤثر فينا خلال رحلة العمر والتي تكشف لك هشاشة العلاقات، لذ فكل ما تمر به طوال حياتك من أمراض، أوجاع وخذلان، هموم، أحزان، فقد مقربين، أصدقاء وجيران كفيل بأن يكشف لك تلك الوجوه فينعكس عليك بالتغيير ويتسلل إليك الشعور بأنه لم يعد لديك ما تعطيه وأنك استنفذت طاقتك عبر مراحل عمرك فتجد نفسك لا تعاتب ولا تهتم ولا تبالي بأحداث كثيرة تحدث من حولك بل حتى لم يعد يشغلك كما كنت في السابق بمن اهتم بالسؤال عنك أو لم يسأل.
إن ما يجعلنا نصل إلى تلك الحالة هو أننا فقدنا الفهم للعلاقات الإنسانية كما كان يوصينا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تحفظ الود والتحاب والتكافل والتعاون؛ لأن معاملاتك تبتغى بها رضا الله قبل أي شيء فأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على إنسان أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينًا أو تطرد عنه جوعًا أو تمشي له في حاجة وحذرنا من أن سوء الخلق يفسد العمل لذا، فقد فسدت أغلب العلاقات بين الناس إلا من رحم ربي لأنها تحولت إلى علاقات قائمة على تبادل المنفعة والمصالح المشروطة فخسر بعضنا بعضا واكتفينا بالتعايش المشروط بالمكاسب الفردية ففسدت العلاقات وتضاءل التواصل.
مايو 26, 2023, 3:16 م
أكاد أهتف من أعماقي " الله أكبر " ما شاء الله عليك ، لقد عبرت بكل دقة عن المشاعر والعلاقات الإنسانية المفرغة من الإيمان .. " هناك علاقات ومجاملات ظاهرها الود، وباطنها النفاق والتملق والرياء ..
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.