أنس مروان المسلماني سبتمبر 19, 2023, 8:07 ص

خاطرة "جلاد قلبها".. خواطر رومانسية

خمسُ ساعاتٍ وخمسونَ دقيقة

لم تكن كفيلةً في تعويضِ غيابِ خمسٍ وخمسينَ ساعةٍ، من دون أي لقاء، أو نظرة..

كلُّ ما هنالكَ صوتٌ من البعيد، وبعض الصور، والكثيرُ من التخاطر، ولقاءات أرواح في الأجرام.

غيّم الرّمادُ عليّ، فلا أنا بحزينٍ لسموّكِ، ولا أنا فَرِحٌ لابتعادك، فكلُّ شيء كان إجباريًا عن رغبتنا، لكن لا بأس.

لا بأس، لأن كلمة منكِ خَطّيتِها على يدي اليمنى بين المزاح والضحك داوَت غيابَ كل شيء؛ كل شيء حتى عقلي.

كانت كلمتُكِ اختصارًا لجملةٍ مليئةٍ بشعورٍ تجاوز مفاهيم البشرية وألفاظها.

"أنتَ حلمي بكل كياناته"..

هذه كانت جُملتُك العفوية التي أردتِ إخباري بها، وقد تكفّلتْ بي إلى أن تفنى الأبجديّةُ معي إلى العدم، فأزهر الخريفُ، وأشرقت الشمس رغمَ ازدحام الغيم المُحمّلِ بالأمطار، واتّسعتِ الأرض لأراها أكبرَ من درب التبانة، لأطيرَ بين أزقّتها عصفورًا، وأعودُ إليكِ بائتًا في عُشيَّ البنفسجي.

تغنَّيتُ ببعض الكلمات لها في جوف مجلس كانت فيهِ مُمازحًا إياها، فقلتُ: ستمضي قريبًا بأمر القدر. فتابعَ أحدُ الحاضرين كلماتَ الأغنيةِ: وتغدو رفاتًا ويبقى الأثر.

قلتُ ضاحكًا: لن يبقى هنالكَ أثرٌ بعدَ وفاتها. توسّعتْ عيناها بغضبٍ وانكسارٍ طغى أحدهما على الآخر، وسألتني بنبرةِ المصدومِ من فَزَعٍ: ألم أترك فيكَ أثرًا؟!

قلتُ: بلى، لكنّني كنتُ أمازحكِ، فأنتِ الأثرُ في ذاتهِ. ومن ثمّ عادت إلى جلستها بكلّ هدوءٍ كأنّها وردةٌ تَتَّكئُ على فوّهةِ مزهريّة.

كانت مزحةً ثقيلةً على قلبٍ حريريٍّ كقلبها، وكان جوابي كاذبًا بعضَ الشيءِ حفاظًا علينا من أقاويل الجالسينَ معنا، فقد كنتُ أودّ قولَ: لقد كنتِ في نهايةِ الشّطرِ الأول من مطلعِ الأغنية، فلا حاجةَ لكِ بأن تسألي عن نهاية الشطر الثاني، لأنّكِ امتلكتهِ حتمًا.

الناس، والحياء، هما مَن منعاني من الإجابة بهذا الشكل على سؤالها، إِلّا أنَّني سأُوصلُ لها جوابي في يومٍ ما، وبطريقةٍ تختطفها كُليًّا من الحياة.

سأخبرها أنَّها قدري، وسأطلبُ منها أن تغفر لي رُعبَ مزحتي، فقد كنتُ جلّادَ قلبها بنُكتَتي تلك.

بقلم أنس مروان المسلماني

مؤلف كتاب رسائل زرقاء وكتاب علمني أحدهم وكتاب اضطراب وكتاب أحاديث سرطانيّة، ومشارك في عدة كتب أخرى.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة