مروه الحاج عثمان أكتوبر 1, 2023, 11:23 ص

خاطرة "جرعة زائدة".. خواطر وجدانية

مُلقَاة عَلى سَرِير أَوهامِي بَعد أَن انتَقلتُ لأَرض أَخطوها للمَرةِ الأولَى، الحَياةُ رُوتِينِية، مُرهَقة مِن رَمي النَّرد لتَربَح صورَتِي مِن بَين الكَثِيرين، لا أعلَمُ بِماذا شَعرتُ، الكِيميائِي يَجري فِي عُروقِي، ولا أستَطِيعُ الصُمودَ أَو حَتى النُهوضَ.

لقَد بدأ تَسارُع الأحداث مُنذُ رَحيل والدِي، الحُزنُ يَرمِي قَلبي فِي الهَاوِية، عُزلَتي زادَت اكتِئابي، حَتى بَدأتُ بِالشجارِ مَع حائِطي، وَكُل شَيءٍ يُصادفنِي يَعتَرِفُ بِعدوَانِيَّتِي التي لا تُطاق، استَمررتُ بِعنادي وكِبريائي حَتى انعَدم أصدِقائي، سَافر إخوَتي، والحَياةُ أَثقَلت كَاهِلَ والِدَتي، لكنها مَن أسنَدتُ رأسي إليها.

أصابَنِي إِرهاقٌ لَم أَشهَدهُ يَومًا فَذهبتُ للمُستَشفى ليُفاجِئَني الطَبيبُ بِمَرضِي الفَظ، ما زِلتُ على هُدوئِي، نَظرت لِي أُمي لتَضع يَدها الحَنون على رأَسي مُتفائِلة بِشفَائِي، ظَنَنتُ أَنِّي عَلى شَفا حُفرَةٍ مِن المَوت فَابتَسمتُ.

لَم أَعرِف أَن أُمي سَترحَل يَومَها مُنتَزِعة قَلبي مَعها، لِأَغدُو أَعمل ثُم أَتَجرعُ الخناجِرَ مُتأمِّلة بِالشِفاء. حَرائق تأَكُلُ جَسدِي رُوَيدًا رُوَيدًا.

لَقد تَغيرت نَظرَتِي لِلعَالم القاتِم بَعد أَن تَذوقتُ المَسؤولية، فَما فائِدة النَجاة ولا أَحد بِقُربي؟

عَلى سَريري المُعتِم أُراقِبُ نَقاء الستائِر.

الوحدة قاتِلة، أُحارِبُ الأَلَم، أَينَ حساءُ أُختِي السَّاخِن؟

لِمَ لَم يَرن الهاتِف؟ لِمَ لَم يَأتِ الطَبِيبُ؟

أَينَ دِفءُ يَدك أُماه؟ زَمِّليني.

لَقد سَئِمتُ، شَهران مِنَ الحرائِق، شَهران مِن البُؤس، شَهران مِن انتِظار المَوت، وها هوَ الطَبيبُ أَقبَل بِنبأ يَسُرُّ قَلبي للمَرة الأُولى، يَحكي لي أَنها آخرُ لَحظات المُعاناة، وَقد أَنجو.

تَلَيتُ فاتِحتي وأَعلَنتُ وَصِيتي بِإِرسال ما كَتبتُ، فِي النِهاية سَألتَقي مَن أُحِبهم، فَلا تَحزَنوا.

بقلم مروه الحاج عثمان

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة