خاطرة "ثقيل الظل".. خواطر اجتماعية

من منَّا لا يعاني وجود شخص ثقيل الظل في حياته وكأنه مفروض علينا، ولا نستطيع التخلص منه بسهولة؛ لوجود صلة قرابة أو صداقة وثيقة تربط بين العائلات.

عندما يهمُّ بزيارتك هذا الشخص تشعرين بالارتباك النفسي وتتمنين لو انتهت هذه الزيارة في أسرع وقت، تقومين عادة بمسك الوسائد الصغيرة التي على بالأريكة وكأنها درع تدافعين به عن نفسك ضد الهجمات، كما أنك تقلبين فيها وتتصنعين الابتسامة،  ولكن هذه الابتسامة بها الكثير من الحذر لأنكِ تحاولين ببساطة تجنب فضولهم وتشتيت انتباههم لكيلا يباغتنكِ بكلامهم السخيف.

دائمًا لا تستطيعين الرد على أسئلتهم الفضولية المحرجة التي تتمنين أن تكون إجابتك عليها "اهتم بنفسك ولا تتدخل فيما لا يعنيك"، ولكن يمنعك الحياء كما أنك لا تستطيعين أن تكتسبي أسلوبهم المتبجح، ولعلَّ هذا ما يجعل هؤلاء الأشخاص يتمادون لأنهم يعرفون أنكِ لن تعاملينهم بنفس الطريقة، ولعلَّ هذا الأمر هو الدافع لهم لتكرار الزيارة كلما سنحت لهم الفرصة، فهم يتلذذون برؤية هذا القلق وهذا الحياء في عيون من ينغصون عليهم.

قد تتجنبين تلك الزيارات المباغتة فترة ليست بالطويلة، فتحسين أنها أسعد لحظات حياتك، وأنكِ حرة طليقة إذ إن من يعد عليك أنفاسك قد اختفى لفترة في طيَّات الزمان.

طبعًا عندما يحضرون أخرجي كل ما في مطبخك من طعام وشراب ومسليات وستفاجئين بأنه غير كافٍ مهما زادت الكميات،  وبعدها لن تتوقعي نظرات الامتنان ولا كلمة شكر، فهم يرون أن هذا حق مكتسب، وتوقعي أن تسمعي بعض النقد في طريقة تقديم الطعام.

تقبلي برحابة صدر أن يتم انتقاد ثيابك التي ترتديها أو أن يعيبوا طريقة تصفيف الشعر أو أي خلل لا يظهر إلا باستخدام العدسة المكبرة، فهؤلاء لا يخرج من أفواههم إلا الكلام السلبي البغيض، فقط تجاوزي وابتسمي تلك الابتسامة المقتضبة فألسنتهم تفصح ببساطة عن مشاعرهم السلبية وما تخفي صدورهم أكبر.

لا تحاولي أن تكوني مثلهم فأمثال هؤلاء حتى وإن كان لهم بعض السطوة إلا أنهم منبوذون في كل مكان، عادة يختمون الزيارة بجولة مفاجئة في أرجاء البيت ويدخلون أماكن دون استئذان وتتفاجئي بأنك لو غيرت طريقة ترتيبك أو اشتريت شيئًا جديدًا سيلاحظون بلا مشقة فهم يحفظون تفاصيل المكان.

سيسألون عن جميع الأفراد فردًا فردًا، بل وعن الجيران والمعارف علَّهم يحظون بخبر جديد يستطيعون نشره هنا وهناك، واعرفي أنك ستكونين العنوان الرئيس لكل مقابلاتهم وأحاديثهم القادمة، وكلها بلا شك لإظهار مساوئك التي سيحللونها وكأنهم متخصصون في علم النفس وخباياه؛ كل هذا لإرضاء غرور أنفسهم فوجود بعض الهفوات عند بعض الناس يكسب هؤلاء سعادة عارمة.

ثم سيتظاهرون بأنهم يهمون بالانصراف، ولكن صدقًا لا ينصرفون في كل مرة بل يعودون ببساطة ليسألوا من أين اشتريت ذاك العقد وهذا السوار أو أي شيء جديد، ولا أعرف صدقًا كيف تلحظ أعينهم كل ما هو جديد بالمكان، ولكن لا تتوقعي أن يقدموا التهنئة والمجاملة الرقيقة على حليك الجديدة ولا الجهاز الجديد، بل لن تجدي سوى تلك التنهيدة الحاسدة التي في فحواها تتمنى أن تزول كل تلك النعم منك في الحال؛ لأنهم على يقين أنك لا تستحقيها.

هؤلاء يرون نفسهم الأفضل حتى وإن بدت نقائصهم للجميع.

عزيزتي، وجود هؤلاء الأشخاص في محيطك أمر مسلم به فلا تقلقي نفسك ولا تغضبي وتعاملي مع كلامهم ونقضهم اللاذع بالتجاهل التام، فهؤلاء لا يستحقون أن نجلد ذواتنا أو أن نبرر كل صغيرة وكبيرة من تصرفاتنا، وأهم شيء أن تتأقلمي وتعلمي تقبل تلك الزيارات الباردة، ورددي ما تحفظينه من أذكار عقب خروجهم لكيلا يرتد تأثيرهم السلبي عليك أو على أفراد الأسرة.

حفظك الله من هؤلاء المتربصين الذين يجيدون تعكير صفو الحياة.

دُمتم بكل ود وحب.

درست اللغة الألمانية وآدابها ودرست النقد الأدبي والأدب المقارن ودرست بجامعة Alpert Ludwig بألمانيا.اكتب القصص القصيرة والسيناريو.اعمل في القسم الاخباري بمدونة رواد المتوسط

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

مارس 19, 2023, 11:11 ص

وما اكثرهم

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مارس 19, 2023, 8:34 م

أصبحوا يحتلون الكوكب

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مارس 19, 2023, 4:39 م

شكراً لأنك تحدثتي عن هذا الموضوع، اذ ينتابنا الخجل عندما نتحدث عنهم لكيلا نأخذ من أخلاقهم البشعة. بالتوفيق وأتمنى لو قرأتي مقالاتي

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مارس 19, 2023, 8:33 م

أكيد أستاذة ندى سأتابعك❤

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
يونيو 6, 2023, 11:00 ص - إبراهيم عبد المجيد
يونيو 6, 2023, 9:38 ص - بوسلامة دعاء خولة
يونيو 6, 2023, 8:30 ص - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
يونيو 6, 2023, 8:01 ص - وليد عبد الغني السيد عبد اللطيف الغازي
يونيو 5, 2023, 8:21 م - مجانة يمينة
يونيو 5, 2023, 6:05 م - عايدة عمار فرحات
يونيو 4, 2023, 12:03 م - زبيدة محمد علي شعب
يونيو 3, 2023, 5:50 م - رايا بهاء الدين البيك
يونيو 3, 2023, 5:38 م - أميرة محمد المحيميد
يونيو 3, 2023, 5:27 م - محمد عبد القادر نوفل
يونيو 3, 2023, 12:31 م - هاني حمدي عبدالفتاح
يونيو 3, 2023, 12:19 م - أميرة أبو ماضي
يونيو 3, 2023, 10:57 ص - جمال عبدالرحمن قائد فرحان
يونيو 3, 2023, 9:56 ص - جمال عبدالرحمن قائد فرحان
يونيو 3, 2023, 9:37 ص - سلطان الوادعي
يونيو 2, 2023, 6:28 م - أميرة أبو ماضي
يونيو 1, 2023, 8:46 ص - عايدة عمار فرحات
مايو 31, 2023, 1:53 م - أمين عبدالقادر لطف أحمد
مايو 31, 2023, 10:26 ص - هاني حمدي عبدالفتاح
مايو 31, 2023, 8:29 ص - أميرة أبو ماضي
مايو 30, 2023, 8:46 ص - عائشة صلاح الدين
مايو 29, 2023, 11:19 ص - محمد عبد القادر نوفل
مايو 29, 2023, 10:53 ص - عبدالمجيد ايت اباعمر
مايو 29, 2023, 9:20 ص - ايمان عمر المصري
مايو 29, 2023, 8:01 ص - أيسل حسن قيطة
مايو 28, 2023, 7:53 م - وليد فتح الله صادق احمد
مايو 28, 2023, 12:25 م - اروى عماد شحادة
مايو 28, 2023, 8:06 ص - محمد عبدالكريم قاسم مصلح
مايو 27, 2023, 8:47 م - سيرين حسين سعيد
مايو 26, 2023, 7:22 م - عصام أحمد عبدالله عياد
مايو 26, 2023, 11:24 ص - أميرة محمد المحيميد
مايو 25, 2023, 12:55 م - مني حسن عبد الرسول
مايو 25, 2023, 9:26 ص - رشا يوسف علي
مايو 25, 2023, 7:41 ص - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
مايو 25, 2023, 7:13 ص - محمديزن الياسين
مايو 24, 2023, 8:11 م - اسماعيل على لطفي محمد
مايو 24, 2023, 3:02 م - محمد أمين العجيلي
مايو 24, 2023, 2:46 م - نيفين عوض الله دميان
مايو 24, 2023, 1:03 م - جمال عبدالرحمن قائد فرحان
مايو 24, 2023, 11:13 ص - اسماعيل الخضر
مايو 24, 2023, 10:25 ص - نيفين عوض الله دميان
مايو 24, 2023, 9:47 ص - عائشة صلاح الدين
مايو 23, 2023, 12:27 م - اسماعيل الخضر
مايو 23, 2023, 11:54 ص - محمد العيادي
مايو 23, 2023, 9:17 ص - مدبولي ماهر مدبولي
مايو 23, 2023, 7:57 ص - لطيفة محمد خالد
مايو 22, 2023, 8:46 م - نيفين عوض الله دميان
مايو 22, 2023, 8:39 ص - عبدالشافى هلال
مايو 21, 2023, 11:53 ص - محمد بخات
مايو 21, 2023, 11:41 ص - مدبولي ماهر مدبولي
مايو 21, 2023, 9:30 ص - أميرة محمد برغوث
مايو 21, 2023, 8:29 ص - مني حسن عبد الرسول
مايو 21, 2023, 7:57 ص - أميرة محمد برغوث
مايو 21, 2023, 7:50 ص - محمد بخات
مايو 20, 2023, 7:15 م - محمد بخات
مايو 20, 2023, 7:07 م - عايدة عمار فرحات
مايو 20, 2023, 2:33 م - ياسر عبدالحميد محمود سلطان
مايو 20, 2023, 9:36 ص - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
مايو 20, 2023, 8:27 ص - لطيفة محمد خالد
مايو 20, 2023, 8:06 ص - محمد سيد عبد الفتاح
مايو 19, 2023, 9:11 م - محمد الحقاوي
مايو 19, 2023, 8:20 م - شيرين زين العابدين
نبذة عن الكاتب

درست اللغة الألمانية وآدابها ودرست النقد الأدبي والأدب المقارن ودرست بجامعة Alpert Ludwig بألمانيا.اكتب القصص القصيرة والسيناريو.اعمل في القسم الاخباري بمدونة رواد المتوسط