من منَّا لا يعاني وجود شخص ثقيل الظل في حياته وكأنه مفروض علينا، ولا نستطيع التخلص منه بسهولة؛ لوجود صلة قرابة أو صداقة وثيقة تربط بين العائلات.
عندما يهمُّ بزيارتك هذا الشخص تشعرين بالارتباك النفسي وتتمنين لو انتهت هذه الزيارة في أسرع وقت، تقومين عادة بمسك الوسائد الصغيرة التي على بالأريكة وكأنها درع تدافعين به عن نفسك ضد الهجمات، كما أنك تقلبين فيها وتتصنعين الابتسامة، ولكن هذه الابتسامة بها الكثير من الحذر لأنكِ تحاولين ببساطة تجنب فضولهم وتشتيت انتباههم لكيلا يباغتنكِ بكلامهم السخيف.
دائمًا لا تستطيعين الرد على أسئلتهم الفضولية المحرجة التي تتمنين أن تكون إجابتك عليها "اهتم بنفسك ولا تتدخل فيما لا يعنيك"، ولكن يمنعك الحياء كما أنك لا تستطيعين أن تكتسبي أسلوبهم المتبجح، ولعلَّ هذا ما يجعل هؤلاء الأشخاص يتمادون لأنهم يعرفون أنكِ لن تعاملينهم بنفس الطريقة، ولعلَّ هذا الأمر هو الدافع لهم لتكرار الزيارة كلما سنحت لهم الفرصة، فهم يتلذذون برؤية هذا القلق وهذا الحياء في عيون من ينغصون عليهم.
قد تتجنبين تلك الزيارات المباغتة فترة ليست بالطويلة، فتحسين أنها أسعد لحظات حياتك، وأنكِ حرة طليقة إذ إن من يعد عليك أنفاسك قد اختفى لفترة في طيَّات الزمان.
طبعًا عندما يحضرون أخرجي كل ما في مطبخك من طعام وشراب ومسليات وستفاجئين بأنه غير كافٍ مهما زادت الكميات، وبعدها لن تتوقعي نظرات الامتنان ولا كلمة شكر، فهم يرون أن هذا حق مكتسب، وتوقعي أن تسمعي بعض النقد في طريقة تقديم الطعام.
تقبلي برحابة صدر أن يتم انتقاد ثيابك التي ترتديها أو أن يعيبوا طريقة تصفيف الشعر أو أي خلل لا يظهر إلا باستخدام العدسة المكبرة، فهؤلاء لا يخرج من أفواههم إلا الكلام السلبي البغيض، فقط تجاوزي وابتسمي تلك الابتسامة المقتضبة فألسنتهم تفصح ببساطة عن مشاعرهم السلبية وما تخفي صدورهم أكبر.
لا تحاولي أن تكوني مثلهم فأمثال هؤلاء حتى وإن كان لهم بعض السطوة إلا أنهم منبوذون في كل مكان، عادة يختمون الزيارة بجولة مفاجئة في أرجاء البيت ويدخلون أماكن دون استئذان وتتفاجئي بأنك لو غيرت طريقة ترتيبك أو اشتريت شيئًا جديدًا سيلاحظون بلا مشقة فهم يحفظون تفاصيل المكان.
سيسألون عن جميع الأفراد فردًا فردًا، بل وعن الجيران والمعارف علَّهم يحظون بخبر جديد يستطيعون نشره هنا وهناك، واعرفي أنك ستكونين العنوان الرئيس لكل مقابلاتهم وأحاديثهم القادمة، وكلها بلا شك لإظهار مساوئك التي سيحللونها وكأنهم متخصصون في علم النفس وخباياه؛ كل هذا لإرضاء غرور أنفسهم فوجود بعض الهفوات عند بعض الناس يكسب هؤلاء سعادة عارمة.
ثم سيتظاهرون بأنهم يهمون بالانصراف، ولكن صدقًا لا ينصرفون في كل مرة بل يعودون ببساطة ليسألوا من أين اشتريت ذاك العقد وهذا السوار أو أي شيء جديد، ولا أعرف صدقًا كيف تلحظ أعينهم كل ما هو جديد بالمكان، ولكن لا تتوقعي أن يقدموا التهنئة والمجاملة الرقيقة على حليك الجديدة ولا الجهاز الجديد، بل لن تجدي سوى تلك التنهيدة الحاسدة التي في فحواها تتمنى أن تزول كل تلك النعم منك في الحال؛ لأنهم على يقين أنك لا تستحقيها.
هؤلاء يرون نفسهم الأفضل حتى وإن بدت نقائصهم للجميع.
عزيزتي، وجود هؤلاء الأشخاص في محيطك أمر مسلم به فلا تقلقي نفسك ولا تغضبي وتعاملي مع كلامهم ونقضهم اللاذع بالتجاهل التام، فهؤلاء لا يستحقون أن نجلد ذواتنا أو أن نبرر كل صغيرة وكبيرة من تصرفاتنا، وأهم شيء أن تتأقلمي وتعلمي تقبل تلك الزيارات الباردة، ورددي ما تحفظينه من أذكار عقب خروجهم لكيلا يرتد تأثيرهم السلبي عليك أو على أفراد الأسرة.
حفظك الله من هؤلاء المتربصين الذين يجيدون تعكير صفو الحياة.
دُمتم بكل ود وحب.
مارس 19, 2023, 11:11 ص
وما اكثرهم
مارس 19, 2023, 8:34 م
أصبحوا يحتلون الكوكب
مارس 19, 2023, 4:39 م
شكراً لأنك تحدثتي عن هذا الموضوع، اذ ينتابنا الخجل عندما نتحدث عنهم لكيلا نأخذ من أخلاقهم البشعة. بالتوفيق وأتمنى لو قرأتي مقالاتي
مارس 19, 2023, 8:33 م
أكيد أستاذة ندى سأتابعك❤
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.