اشترى عاصم زوج هدى بعض الأشياء؛ ليأخذها معه هدايا لزيارة مراد زميله؛ ليهنئه على سلامة العودة لأرض الوطن، فقال لهدى: "ألن تأتي معي لزيارة مراد وزوجته؟".
ردت هدى: "لا؛ لديَّ بعض الأعمال المنزلية. وما هذه الأشياء التي وضعتها على المنضدة؟".
رد عاصم: "إنها صندوق من عبوات العصير الطبيعي، وحقيبة بلاستيكية كبيرة مملوءة بالفواكه الطازجة و...".
قالت هدى: "لقد كلَّفت نفسك فوق طاقتها، كان بإمكانك أن تحضر له هدية بسيطة".
قاطعها عاصم: "الهدية تُظهر مدى ثراء الشخص وذوقه الرفيع، أما عن التكلفة فحتمًا سيرد لنا مثل ما أحضرنا له وزيادة؛ فهو رجل معروف بسخائه الشديد".
اقرأ أيضًا: اكتفاء ذاتيّ.. خواطر أدبية
وبعد حوار طويل ذهب عاصم لزيارة مراد بمفرده، ثم عاد بعد ساعتين ومعه بعض الهدايا، فقال لهدى: "ألم أقل لكِ إن مراد رجل سخي جدًّا لدرجة أنه حلف بأعظم الأيمان على جميع الحاضرين -على الرغم من عددهم الكبير- وألزمهم جميعًا بتناول وجبة الغداء عنده، وأكل الجميع وجبة شهية لا مثيل لها، إضافة إلى الهدايا الفاخرة التي وزَّعها على الحاضرين".
أنصتت هدى لحديث زوجها ولم تنبس ببنت شفة، ولفت نظرها خبر كان يُذاع على التلفاز، جاء فيه: "استمرار ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا كوفيد 19 في أنحاء العالم بمعدلات غير مسبوقة".
قال عاصم: "ألم أقل لك مرارًا إن هذا المرض مجرد كذبة، إنها مؤامرة لضرب اقتصاد دول معينة و...".
قاطعته هدى: "شهرين ونحن نتناقش في مدى صحة الخبر، ألم يحن الوقت لاتخاذ الإجراءات الاحترازية بالتباعد الاجتماعي، وتناول الأطعمة المطهوة جيدًا...".
قال عاصم: "لا يوجد أي مرض، انظري إنهم يدَّعون المرض على نحو مقزز".
قاطعته هدى: "لا تسخر من المرض، بل احمد الله على نعمة العافية واسأله دوامها، وادعو لكل مريض بالشفاء العاجل، إن هذا المرض وباء، والوباء هو كل مرض فاش عام، وهو رجس كان ينزل بالأمم السابقة، وعلى المؤمن إذا سمع بوباء في بلد ما ألا يسافر إليه، وإذا كان ببلد ظهر فيه الوباء ألا يخرج منه فرارًا من القضاء والقدر، بل يصبر ويحتسب".
اقرأ أيضًا: خاطرة "توأم الروح".. خواطر وجدانية
بعد يومين، اتصل مراد بعاصم، قائلًا: "لم يعد أحد يزورني بعد إصابتي بذلك المرض، والتزموا جميعًا بالحجر المنزلي، خوفًا من الإصابة أو نقلها لغيرهم...".
قاطعه عاصم: "كان عليك أن تأخذ مضادات حيوية كما أفعل، فأنا أتناول المضادات الحيوية منذ سمعت بالمرض..".
قالت هدى لنفسها في صمت: "تناقض غريب!".
👍👍❤🌹
شكراً جزيلاً صديقتي العزيزة سعاد صادق، قرأت [خاطرة «هذه كلماته لي قبل الرحيل».. خاطرة شعرية]، وفي انتظار المزيد من مقالاتك الرائعة، دمتم بخير وسلام وسعادة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.