في الحقيقة إننا مهما عدلنا عن الحديث عن الحب وأهملنا النقاش فيه وعزفنا عن تبادل المشاعر وطوينا صفحته وغفلنا عنه.
فلا بد من أن نسمع قصة عاشق من هنا ومذنب بالحب من بعيد أو قريب، ونتفكر فيه وفي وزنه الثقيل على ناقديه والخفيف كالطير على الواقع في شباكه حتى إنه لا يشعر أحيانًا بمساوئه إن وجدت؛ لأن كفة الحسنى هي الراجحة فيه.
ما عنيته من تلك المقدمة القصيرة أن أُطلعكم على ما يجري في خاطري، فمنذ زمن بعيد جدًّا وأنا في حيرة.
فالجميع يمتدحون أن نكون معًا «اجتماعيين» لتسود روح المحبة والألفة والسلام، لكننا أبدًا لم نتفق يومًا على رأي واحد.
وأحسب أن تعدد الآراء طبيعي، فإن الباري -تعالى- لم يخلقنا بالهيئة ذاته، فلا بد إذًا من أن يختلف التفكير وإن كنا نعيش تحت سقف واحد، فهذا جميل.
ولكن أليس من الجميل أيضًا الاجتماع على أن تكون الآراء المختلفة عنا محل قبول واحترام؟
ربما مَن يقرأ الآن يقول: نعم وما الضير في ذلك؟ أن نكون إخوة جميعًا ترعانا المحبة وإن اختلفت سبلنا!
لكن حقًّا الكلام شيء والفعل شيء آخر، وإن كانت الكلمة اللطيفة ثمينة فإنها يرتفع ثمنها عندما يعززها الموقف والسلوك الحسن النابع من صدق القلب في نطقه ومنطقه.
نعود إلى مقصدنا الأصلي وهو موضوع (الحب) بين الرجل والمرأة وما لتلك العلاقة من أهمية كبرى ما زال يستشعرها غالبنا دون بوحٍ، يتوق لأن يجرب بنفسه ويعيش تلك المشاعر ويأنس بها، ولكن بعيدًا عن مرأى الأنظار، فإنه يرى أن ما يراه المجتمع حرام.. فهو حرام!
كأن لسان حاله يقول: أرى ما تراه، لا ما أراه أنا وعقلي!
أليس الله أوصى في القرآن بإعمال عقولنا؟
فلماذا إذًا لا زالت تموت وهي حية ولا نستعملها؟
أتساءل ما حجم الأضرار التي أوقعنا أنفسنا فيها؟
ألم يخلقنا الله من المحبة وأراد لأنفسنا أن تحب وتحب؟ أليس الحب من الحاجات النفسية الضرورية؟ وأعلم أنه لا بد من أن يكون الحب في محله وللشخص الصحيح، ولكن أليس الله أعطانا حرية الاختيار؟
فلماذا إذًا لا يُفسَح المجال للنقاش الجاد بشأن موضوع اختيار مَن نحب (الزوج) بأنفسنا، والتشديد على أهمية أن يكون الاختيار والسعي الأكبر من حق الشاب أو الفتاة دون ضغط من أي طرف آخر؟
وهذا لا يعني ألا نأخذ المشورة، فما خاب مَن استشار، ولكن كل القصد أن تكون أنت الباحث الأول عن شريك الحياة.
فلا زلت لا أفهم كيف أن كل شيء تغير وأصبحنا نختار كل شيء بأنفسنا، لكن اختيارات الزوج ما زالت محدودة، بحجة أننا مغلوبون على أمرنا وأن المجتمع جميعه هكذا يفعل!
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.