هاني حمدي عبدالفتاح مايو 31, 2023, 10:26 ص

خاطرة "ترانيم البحر".. خواطر وجدانية

عن تجربة شخصية، لي عالم خاص تقبع فيه مخيلتي بين أطراف متناثرة ومتضادة من غير تضارب بين أفكار وميول مختلفة، ففي خضم الحياة العملية قد أبدو رجلًا عمليًا من الدرجة الأولى، فأجد متعةً خاصةً وأنا أغوص في أجواء التكنولوجيا الحديثة التي أعدُّها أحد عوالمي الخاصة، فبمجرد الخروج منها أجد نفسي ملقًى على شاطئ بعيد من ذاك الذي كنت عليه.

لكن ذاك المرسى الجديد أسترد فيه روحي، فأتقلب بين أصدافه التي ألفتُ نفسي بينها فأجدُ جمالًا خاصًّا في عوالم الفلسفة بكل فروعها واختلاف مدارسها ودروب المنطق الذي طالما أنار للعقل مالم ينره سواه...

وجدت عالمي المفقود بين حكايات تاريخ مصري قديم وطرائف حقبة ليست بالبعيدة تمنيت العيش فيها، وجدتني في وطيس عقلي الذي يسبح في جمال لوحات بيكاسو، أنظر لها نظرة ناقد قد يرى ما لا أراه بعيني المجردة.

وجدتني أسبح في سحائب سيمفونيات تعمل في خلفية هذا المشهد العظيم متمعّنًا في تفاصيلها، إنه عالمي الذي طالما حلمت بالبقاء فيه، لكن هذه السفينة ترسو الآن لتردني إلى ذاك الشاطئ الآخر حيث الحياة.

وفي طريق العودة دائمًا أشعر بأنني نسيت شيئًا، ورغم ثقتي المفرطة بحتمية عودتي إلا أنني أظل مُعلقًا أنظاري على ذاك الشاطئ آملًا في تذكر ذاك المفقود، لكن بلا جدوى، فلن يغير الربان اتجاهه ليعود أدراجه فيمنحني بذلك فرصة بحثٍ عن ضالتي التي لا أذكرها، فيغير بذلك سنة الكون، ولا أنا أتذكر تلك الضالة فتستريح نفسي بأمل العودة الحتمي.

ها أنا على وشك الوصول لشاطئ الحياة حيث تنفيذ تعاليم القدر، وفي جعبتي بعض أصداف علقت بوجداني، لكنها الأخرى لا تستطيع إخباري عن ضالتي المفقودة على ذاك الشاطئ البعيد.

ها هي نواقيس الحياة تدق وتبدأ رحاها العمل، وعيناي معلقة عند النور، فنار ذاك الشاطئ لا تنطفئ حتى أعود إليه ثانية لعلي أعثر على ضالتي.

بقلم هاني حمدي عبدالفتاح

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.