إن حلم أي شاب وأي فتاة بعد إنهاء مرحلة التعليم والنزول إلى مجال الحياة العملية، أن يتأمل مستقبله مع شريك حياة يجد فيه الصفات التي تتوافق معه والتي يقبلها كل طرف في الآخر.
وبعدها يكون بناء عش الزوجية، ومن المؤكد أن الوصول إلى مرحلة بناء هذا العش والانتهاء منه يمر قبله الشاب برحلة من المعاناة وبذل الجهد، من أجل إتاحة تلك الالتزامات المادية المرهقة، بداية من الخطوبة حتى الانتهاء من هذا البناء المضني.
ثم تبدأ حياة جديدة بين شريكين ارتضى كل منهما الآخر، وبما أن هذه الحياة جديدة على الطرفين فقد يقابلها بعض الخلافات بعد زوال الانبهار والدخول إلى مرحلة الاعتياد، وبما تحمله الحياة الجديدة من التزامات نفسية وحسية ومادية تحتاج إلى احتواء كل طرف للآخر.
وتحتاج إلى فهم جيد ومصارحة ومكاشفة لكل كبيرة وصغيرة بين الطرفين، مع عدم التقليل أو التهميش أو السخرية من مشاعر واحتياجات أي طرف؛ لأن ذلك سوف يؤدي في نهاية الأمر إلى تفاقم المشكلات التي قد يتدخل فيها الأهل بغير حكمة، لتصبح المشكلة البسيطة إشكالية.
وقد تتدخل أطراف خارجية بنصائح مسمومة، قد تأتي عبر صديقة من زملاء العمل، التي غالبًا تأتي نصائحها كارثية ببعض الجمل الهدامة مثل:
- لا تدعيه يتحكم بكِ.
- هل وصل به الأمر ليتحكم في ملابسك ومساحيق التجميل التي تخصك؟
- ماذا يظن نفسه؟ أنت تعملين مثلما هو يعمل.
- لا تصغي له ودعيه يضرب رأسه بالحائط.
وقد تأتي صديقة أخرى بنصيحة مختلفة وتزيد الطين بلة، فتفتيها بأن تجعله يظن أنها مطيعة له، ثم تفعل ما يحلو لها دون علم زوجها.
وقد تصادفي زميل العمل صاحب القلب الطيب الحنون المتعاطف معك قلبًا وقالبًا، ولديه القدرة للاستماع لمعاناتك لمدة 50 عامًا، في حين أن هذا الشخص لا يعطي أدنى اهتمام لزوجته التي اعتادها، ولا يستطيع حتى سماعها مدة 50 ثانية، لكنه معك سوف تسمعين منه أرق وأعذب الكلمات، وسوف تجدين معه بحورًا من العطف والتعاطف، أنهارًا وشلالات، وقد تزيد النار بداخلك اشتعالًا حينما تسمعين منه:
- إن زوجكِ معقد قليلًا.
- ليت زوجتي تكون معي مثلك.
- بصراحة أنتِ خسارة فيه.
وربما في ظل حزنك تصادفك بعض البرامج الهدامة التي تتخفى تحت شعار تمكين المرأة، ولكن في الحقيقة هي برامج تعمل على تمكين المرأة من خراب بيتها، فتسمعين منهم بعض الجمل التي قد تجعلك تهدمين بيتك بعد لحظات من سماع تلك النصائح الشيطانية مثل:
- لا بد أن يكون لك كلمة في البيت.
- إذا لم يعجبه قولي له مع ألف سلامة.
- من المهم أن يكون لك شخصية أمامه.
- إياك أن تصمتي أمامه، قابلي الكلمة بالكلمة.
- ما دمتِ تعملين ولك دخل يجب أن يكون لك كيان خاص بك.
- أنت غير ملزمة بالمشاركة في مصروفات المنزل.
وهكذا تأتي نصائح الهدم والخراب متتالية، فيضيع السكن وتموت المودة، وتنعدم الرحمة، بفعل تداخل أصوات شيطانية، لكل صوت هدف يريد تحقيقه.
فقد تكون الصديقة التي تنصحك ليست مستقرة في حياتها ومملوءة بالأمراض النفسية فتساعدك على هدم حياتك، وقد تكون الأخرى غير مدركة لما تقوله فتنصحك بجهل، وقد تصادفين شيطان السوء الذي يصطاد ضحاياه لإشباع رغباته ثم يلفظك، أو تجدين نفسك تحت وطأة استغلاله، ثم تأتي الخاتمة بتلك البرامج الإعلامية التي تبحث عن الترند والشهرة والمال لتسمعي لها وتكون الطامة الكبرى.
بنيتي احذري كل صوت يدعوك لهدم بيتك وحياتك، واعلمي أنه لا يوجد بيت بلا مشكلات، ولكن علينا أن نسعى لحلها بالحكمة، وربما نعاني الفتور في بعض أوقات حياتنا، لكن توجد أوقات طيبة في حياتنا الزوجية فلا ننساها في لحظات الانفعال، حتى إذا حدثت نتذكرها فينسحب طرف من أمام الآخر حتى نهدأ جميعًا.
وأخيرًا بنيتي كوني على علم أن الزوجين هما الأقدر على حل أي مشكلة مهما عظمت في ما بينهما دون تدخل أطراف أخرى حتى لو كانوا أقرب الأقربين لك؛ لأن ما بينك وبين زوجك من أسرار لا يعلمها غيركما، وأدق تفاصيلها معكما أنتما.
لذا فالمصارحة والمكاشفة بين الزوجين هي أقرب الطرق للوصول لغايتكما معًا، حتى لا يسير كل طرف في اتجاهٍ عكس الآخر بفعل النصائح المسمومة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.