خاطرة "بلا تجميل حكاية فتاة سوريّة يتيمة".. خواطر وجدانية

بعيدًا عن الحرب.. ماذا يعني أن تكوني فتاة سوريَّة يتيمة في هذا الزمن؟ يعني أن تكوني قادرة على فك شيفرات الأزمة التي تمر بها بلادك وهي مفرزات خلَّفتها على بلد كان يحصر الوُجود الذكوري في بعض المجالات ليصبح اليوم خليطًا من الجنسين دونما أي استغراب.

لأنك فتاة سوريّة فقدت أباها مطلع الحرب، فبدأت مراهقتك على طوابير الخبز والمازوت، ليتكوَّن صباك لاحقًا في مناورات البحث عن مقعد في إحدى وسائل النقل والهرولة حدَّ الركض خلف سرافيس قد تنجحين في نيل مكان "على الواقف" بجانب الباب متحدية الأنوثة التي لا يطالبك فيها من يراك على الطوابير، إنما يتغامزون على نيلكِ يومًا ما و"بالمطاحشة" المقعد الأمامي بالميكروباص بالقول "ما ضل شباب لتطلع البنات قدّام وتأخذ مقعدنا بالسرفيس!" متناسين أنها حصيلة نجاحك بعد عمليات عدة لمناورة ومداورة بين عشرات المتنافسين على باب هذا السرفيس.

تتذكرين وأنتِ الفتاة السوريّة وعمرها تجاوز ثلاثة أضعاف عمر الحرب، بأن الاستماع إلى الأغاني لم يعُد رفيق الليل أيام المدرسة أو الجامعة، فلا وقت للسهر وفي الصباح موعد "الفرن" لشراء بضع خبزات للعائلة بالسعر المدعوم، وجلب الخضار الطازجة، متناسبة الاستماع إلى فيروز مع فنجان القهوة، فلا غاز لتغلو قهوتها ولا كهرباء لتفتح المذياع ولا شحنًا يكفي في بطارية الهاتف لانتظار تحميل "مختارات فيروزية" على اليوتيوب بسبب ضعف شبكة الإنترنت!

"خليها عَ الله" أيَّتها الفتاة السوريّة، واذهبي لعملك دون توريد خدّيك على نحو ظاهر، فلا حاجة للمكياج الزائد بزمن الشوائب، وأنتِ من اعتمدَت على نفسها وتناسَت أنوثتها لتجد عملاً لائقًا في مكتبة أو جامعة وحتى في خدمات منزلية، لتمنع "التَّمقطع بها" من أي أحد في العالم، فلم تعُد الأنوثة أن تتدلل وتطلب من ذويها ما تشاء، إنما الأنوثة اليوم هي أن تكوني "قد حالك" وتنتجي وتساهمي في مصروف منزلك، دون أن تنتظري المنَّة، هكذا علمتنا الأزمة، فـهيَّا إلى عملك ولا تتأملي أن يكون أيًّا يكن "مصدر دلالك"، فلا مكان للدلال بعد الشقاء في زمن جرّبتِ به كل شيء وكنتِ "قدها وقدود".. 

ولا تبالي بمن يشبِّه تصرفاتك العملية بالرجل، فهذا مطلبك الموروث من والدتك وجدتك اللتين تناديان منذ عقود بالمساواة مع الرجل منذ قرن وأكثر.. فكوني أنتِ كما أصبحتِ أيتها الفتاة السوريَّة.

إعلامية من سورية

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
ديسمبر 2, 2023, 3:30 م - قدوه نمر الشعار
ديسمبر 2, 2023, 8:20 ص - سندس إبراهيم أحمد
ديسمبر 2, 2023, 7:52 ص - نور الدين شعبو
نوفمبر 30, 2023, 11:37 ص - سمسم مختار ليشع سعد
نوفمبر 29, 2023, 2:41 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 29, 2023, 8:24 ص - غزلان نعناع
نوفمبر 29, 2023, 7:31 ص - سادين عمار يوسف
نوفمبر 28, 2023, 7:06 ص - أسماء مداني
نوفمبر 27, 2023, 2:42 م - براءة عمر
نوفمبر 27, 2023, 1:17 م - عزوز فوزية
نوفمبر 27, 2023, 11:52 ص - سيرين غازي بدير
نوفمبر 27, 2023, 6:34 ص - بشرى حسن الاحمد
نوفمبر 26, 2023, 2:58 م - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 2:24 م - إبراهيم محمد عبد الجليل
نوفمبر 26, 2023, 10:15 ص - ايه احمد عبدالله
نوفمبر 26, 2023, 9:51 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
نوفمبر 26, 2023, 9:27 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 8:03 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:52 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:35 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:01 ص - محمد بخات
نوفمبر 26, 2023, 6:32 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 23, 2023, 12:46 م - رانيا بسام ابوكويك
نوفمبر 23, 2023, 10:41 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 23, 2023, 8:28 ص - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
نوفمبر 23, 2023, 7:26 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 22, 2023, 2:20 م - محمد سمير سيد علي
نوفمبر 22, 2023, 2:00 م - عبدالخالق كلاليب
نوفمبر 22, 2023, 6:45 ص - محمد بخات
نوفمبر 21, 2023, 8:51 ص - مدبولي ماهر مدبولي
نوفمبر 20, 2023, 7:41 ص - هاجر فايز سعيد
نوفمبر 19, 2023, 1:27 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 19, 2023, 1:07 م - محمد بخات
نوفمبر 19, 2023, 12:07 م - أسرار الدحان
نوفمبر 19, 2023, 11:06 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 19, 2023, 10:03 ص - فاطمة محمد على
نوفمبر 19, 2023, 7:49 ص - شاكر علي احمد عبدالجبار
نوفمبر 18, 2023, 11:36 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 10:56 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 8:09 ص - شيماء عبد الشافي عبد الحميد
نوفمبر 17, 2023, 7:32 م - سادين عمار يوسف
نوفمبر 17, 2023, 7:16 م - إسلام عبد الكريم السنوسي
نوفمبر 17, 2023, 6:13 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 16, 2023, 8:30 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 15, 2023, 6:01 م - كامش الهام
نوفمبر 15, 2023, 2:57 م - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 15, 2023, 12:21 م - ساره محمود
نوفمبر 15, 2023, 11:00 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 15, 2023, 9:50 ص - ميساء محمد ديب وهبة
نوفمبر 15, 2023, 8:56 ص - حسن خليل سعد الله
نوفمبر 15, 2023, 7:54 ص - عمرو عبد الحكيم عوض التهامي
نوفمبر 14, 2023, 4:39 م - رزان الفرزدق مصطفى
نوفمبر 14, 2023, 4:16 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 14, 2023, 1:22 م - شهير عادل الغاياتي
نوفمبر 14, 2023, 9:41 ص - أسماء مداني
نوفمبر 14, 2023, 6:27 ص - أسماء منصور علي
نوفمبر 14, 2023, 5:24 ص - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 13, 2023, 12:03 م - سندس إبراهيم أحمد
نوفمبر 13, 2023, 11:17 ص - فاطمة حكمت حسن
نبذة عن الكاتب

إعلامية من سورية