لا أدري هل أقول لك، هكذا كانت نهاية الحكاية أم بدايتها.. لكنها مرحلة ما من مراحل الحكاية تلك التي سأسردها عليك الآن..
في حين كان الشعب المغربي في غمرة اليأس والشعور بالتذمر من أوضاع هي شبه غامضة بالنسبة له.. إذ لم يكن يعرف عن نفسه سوى أنه شعب يعيش معاناة ما.. لماذا أقول ما.. دون تحديد.. لأنه في غمرة المتابعة عبر شبكات التواصل الاجتماعي المستهلكة بالنسخ واللصق؛ إذ عبرها أضحت الموجة الصارخة هي ادعاء فقه الواقع وممارسة الانتقاد واللوم والسب و.. و.. و.. حتى طغى هذا الأسلوب على الراغبين في ركوب الموجة.. فأصبح يعرف واقعه فقط عبر هؤلاء المتاجرين في البؤس.. والمتحدثين فقط عن البؤس.. وبالتالي كانت له نظرة قاتمة عن الأوضاع.
في خضم هذا.. ظهر كأس العالم في قطر.. وانتشرت صيحة جديدة.. وبرز بين المنتخبات.. منتخب المغرب.. الذي يكاد يكون فضل الدول الأخرى على لاعبيه أكثر من فضل بلدهم الأمّ عليهم..
لكن هو لعب.. ولكنهم لا يقبلون بأن يبقى حبيسًا في دائرة اللعب!
تتابعت المباريات.. وتتابعت الحكايات.. والقصص.. والسخافات.. والتضخيم.. والتأليف.. وصنع التماثيل.. والترويج للتماثيل.. وتجميلها.. وبهرجتها.. و.. و.. و.. و.. حتى رأينا الرجل اللبيب لا يطيق معارضة الجموع ولا حتى لمّ نفسه عن سخفهم.. فيمضي وإياهم.. أو لربما بلغ به الحمق أن تقدِّمهم بالانضمام لصفّ المتملِّقين..
أخذ الدين يتمطط ويتمزق ويتشرذم.. ثم يضيق وينحصر ويصبح مجرد رضا الوالدة.. ومجرد سجدة فرح عابرة و.. و.. و.. و.
ليس هذا ما كان موجعًا.. بل سرعة الجموع في تبنِّي العقوق.. حيث تقاذف الناس نكتًا فيها من الجرأة على الله ما لا تطيقه الآذان.. وآيات أصبحت في مهب أفواه السفهاء.. ومقارنات بين اللاعبين والمجاهدين كأن العقول ما عادت تتقن سوى الهراء..
فلمَّا عبثت الفرحة التافهة بالعقول.. وأصبح السفه فيها يصول ويجول.. أتتها الهزيمة النكراء، ثم بعدها هزيمة نكراء، فخيَّم حزن ويأس، واضطراب وإحباط.. حاول السفهاء مجددًا مداواته باختراع أقاصيص عن المؤامرات والأجندات..
لكن الجيل الجديد الذي ما كان له فهم ولا علم بالكرة ولا بالتسديد.. تلقّى جرعته من الإحباط الشديد..
وكأنه ما كان ينقصنا في فتنتنا سوى أن يبحث قومنا عن لعبة حظ تافهة تصيبهم تارة بالفرح ثم تختم عليهم بالهم والتفكير.. وإطالة النظر في تأليف الكذَّابين واجترار الغاوين.
بحثوا لأنفسهم عن الفرح التَّافه فجرّ عليهم وَيل همٍّ طافحٍ وإحباطٍ كاسحٍ.. وقد قالها عربيٌّ سابق: على نفسها جنت براقش!
فيا له من زمن يسقيني المرارة بمتابعة كل هذا ثمّ العجز التام عن أي تغيير.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.