بعد وقت طويل من محاربة الوحدة لأنك تخشاها ولا تعلم ما إن كنت قادرًا على العيش وحيدًا في الحياة بلا أحد يفهمك ويشاركك الكلام، نازعًا من أرجاء عالمك الشعور بالفراغ والصمت القاتل وكونك بلا أحد بعد كثير من محاولات التمسك بالأصدقاء بكل من هم حولك كأنك تقول رجاءً ابقو معي..
أخيرًا يأتي يوم يطرق أبوابك كريح عاصفة يقول كفَّ عن البحث عن الآخرين واستمتع بوحدتك، اسكن هذا العالم برفقتك، ليس من الضروري العيش مع الأشخاص، ناهيك بأنهم كلما دخلوا حياتك زادوها آلامًا ومشقة! عش مع وحدتك، تعلم ذلك، أحب ذلك، أتقنه كما لو أنك تتقن حرفة جديدة قادرة على إيناس وقتك! لا بأس بذلك، بعيدًا عن صعوبات الوحدة ولكن حينما يقرر الإنسان أنه سيعيش بلا أحد فمن المؤكد أنه رأى كثيرًا مما جعله على قناعة بأن كل من هم من جنس البشر ليس لهم أي فائدة في حياته.
أحيانًا تأتيك رغبة جامحة للعيش وحيدًا دون بشر، رغبة في تسكن عالمًا وحدك ويكون فيه كثير من الأشجار التي تدخل السرور على قلبك والسعادة، ندرك مؤخرًا أن الطبيعة أجمل شيء في هذه الحياة، أجمل من البشر ومن كل شيء، قد تغدو لافتة ورائعة ومثيرة، الطبيعة تحمل بداخلها شيئًا من السحر شيئًا من الأنس ومن الراحة الغريبة.
وتوجد الرياح التي تتسلل إليك كأنها تحتلك بالكامل، إنها كالغسل من كل الهموم! أشعر معها وكأنها تحمل همومي وتأخذها بعيدًا عني، أستمتع بملامستها وجهي وأسمع صوتها وهي تهز أركان الأشجار، لطالما شعرت بالأشجار ترقص على ألحان الرياح، كم تمنيت أن أكون مكانها! لا أعلم لماذا أحب ارتفاع الأشجار، أشعر بشموخها على ما يبدو! أصوات الطبيعة كأنها آلات موسيقية من لون آخر تمامًا، مختلفة عن البيانو والقيثارة، شيء مختلف تمامًا.
أحب أيضًا الجبال المغطاة بالغيوم، أحب أن أكون على ارتفاع بعيد عن الأرض، أشعر بأني بعيدة عن عالم البشر، أسكن وحدي بلا نفاق وبلا مجاملات وأكاذيب، لا أملك من الطهارة الكثير ولكنني لست هكذا إذا لم أتعامل مع الناس!
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.