خاطرة «النجم الأسود».. خاطرة شعرية

في ليلكِ الأسود، يا نجمٌ بعيدْ

تشعُّ كالنار في قلبِ الجليدْ

أراكَ وحدكَ في السماءِ تسيرُ

تحملُ أسرارَ الهوى والعنيدْ

 

 

أحببتُ فيكَ الغموضَ العميقْ

ورأيتُ فيكَ الحنينَ العتيقْ

يا نجمًا أسودَ يضيءُ ليلي

كأنّك سرٌّ من طيفٍ دقيقْ

 

أيا نجمًا يختبئُ في الأفقْ

يحكي قصصَ الحبِّ والشفقْ

كم مرّ من عمركَ الأزمانْ

وأنتَ بيننا مثلَ عاشقٍ يُرهقْ

 

علِّمْني كيفَ للبُعدِ نصبرْ

وكيفَ للأشواقِ نغفرْ

فنحن مثلكَ نعيشُ بعزلةٍ

ننتظرُ اللقاءَ حينما يُبشِّرْ

 

يا نجمَ الظلامِ والعتمةِ الحزينةْ

أنتَ مرآةٌ لكلِّ روحٍ سجينةْ

فيك الحُبُّ والوجعُ قد التقى

وفي ظلالك تُروى قصةُ حنينٍ دفينةْ

 

يا نجمًا أسودَ يرقصُ في السماءْ

وكأنهُ في العتمِ يبحثُ عن ضياءْ

كم من قلوبٍ قد عشقتْ سكونكَ

وكم من عيونٍ في بُعدكَ رجاءْ

 

أيا نجمًا يغزلُ الأحلامَ في الظلالْ

كأنّك قلبٌ يسافرُ بلا مجالْ

ما بين حبٍّ ضائعٍ وسرٍّ خفيٍّ

تُخفي وجعًا عاشَ في صدر الرجالْ

 

يا من تُبكي في البُعدِ العيونْ

وتُوقظُ في القلبِ ألفَ شجونْ

لماذا تحملُ الحزنَ في ضوئكَ؟

ولماذا كأنّك تُنذرُ الجنونْ؟

 

يا نجمُ، في ظُلماتِ الليلِ تَهيمْ

كأنَّك الحارسُ لوعدٍ قديمْ

ترقبُ الأحزانَ في عينِ البشرِ

وتهمسُ: "لن يُولدَ الحُلمُ السقيمْ"

 

أراكَ يا نجمُ تحملُ الألمَ

وتنثرُ الأضواءَ فوقَ العَدَمْ

تُعلِّمُنا أنَّ في العُتمةِ أمل

وأنَّ الفجرَ آتٍ رغمَ العَدمْ

 

يا نجمُ، لستَ وحدكَ في السماءْ

فهناكَ قلوبٌ تبكي في الخفاءْ

تنتظرُ منكَ شعاعَ الرجاءِ

ليضيءَ دربَها ويكشفَ الدهاءْ

 

 

أخبرني، هل من حبيبةٍ لديك؟

أم أنّ وحدتكَ هي كلُّ ما لديك؟

تُسافرُ بلا وداعٍ أو لقاءْ

كأنَّ السماءَ هي الدفءُ لديكْ

 

في ليلكِ الغارقِ في السوادْ

تسكنُ أسرارًا بلا ميعادْ

لكن في قلبِكَ هناك ضوءٌ

ينادي كالحلم، كالأمل الموعودْ

 

يا نجمًا أسودَ، لن أنساكَ أبدًا

أنتَ شاهدُ العشقِ الذي لن يَبردا

ففي بُعدكَ تنبتُ آلافُ الحكايا

وفي صمتِكَ الأملُ لا يزالُ ممتدا

 

يا نجمًا يلوحُ في سماءِ السنينْ

كأنك مرآةٌ لقلوبِ الحائرينْ

تشهدُ حكاياتِ الحبِّ والعذابْ

وترويها لنا كأغنيةٍ للمسافرينْ

 

في ليلكِ الصامت، والكونُ كئيبْ

تمضي كالسهمِ في فضاءٍ غريبْ

تحملُ أحلامَ القلوبِ الحائرةِ

وتسافرُ وحدكَ في دربٍ عصيبْ

 

يا نجمُ، كم من سرٍّ دفنتَ هناكْ

وكم ضاعَ في عينيكَ بوحُ الهلاكْ

أتحملُ آمالَ البشرِ أم يأسهم؟

أم أنتَ مرآةٌ لصمتِ الفِراقْ؟

 

أنتَ منارةُ القلبِ حينَ يتيهْ

وأنتَ مرشدُ الروحِ حينَ تبكيهْ

كم من عاشقٍ قد ضاعَ في ظلامكْ

وكم من حلمٍ أفاقَ من ماضيهْ

 

أيا نجمًا أسودَ، أنتَ الرفيقْ

في الليالي الطوال، أنتَ العتيقْ

تحملُ في ضوئكَ حزنَ العاشقينْ

وكأنك سرٌّ من بحرٍ عميقْ

 

أتعلمُ كم من قلبٍ قد اشتكى؟

وكم من عينٍ في السماءِ بكتْ ندا؟

أنتَ ملاذُ الحزنِ والسهادْ

وفيك الصمتُ ينطقُ بلا صدى

 

يا نجمًا يسكنُ الليلَ البعيدْ

حاملًا معهُ همومَ كلِّ جديدْ

أنتَ لستَ وحدك في هذا الكونْ

ففي قلبِك صوتُ الحنينِ العنيدْ

 

يا نجمُ، في رحلتِكَ بلا حدودْ

تُصارعُ الريحَ وتُعانِقُ السُّدودْ

تجوبُ الأكوانَ بحثًا عن ضياءٍ

وتُشعِلُ في الليلِ عزمَ الصامدينَ الصُّمودْ

 

ألا ترى في عُلوِّكَ ألفَ حُلمْ؟

قد سقطوا من سماءِ الحبِّ والعِلمْ

ترنو إليكَ عيونٌ حالمةٌ

وتسألُ: هل للضياعِ من سُلَّمْ؟

 

يا نجمُ، يا قصةَ الكونِ الحزينْ

كم طوتكَ أسرارُ الليلِ الدفينْ

لكنَّ فيك نورَ الصبرِ يَصدُحُ

يقولُ: إنَّ بعدَ العتمةِ يَحينْ

 

إنّي أراكَ في كلِّ عينٍ تُحبْ

وفي كلِّ قلبٍ خذلهُ الدربْ

فلتكن شاهدًا على الأحلامْ

ولتبقى رمزًا لمن عاشَ وحيدًا بلا سببْ

 

يا نجمَ السماءِ الذي لا يغيبْ

في عينيكَ سرٌّ من أسرارِ الغريبْ

كأنك تائهٌ بين الضياءِ والظلْ

تحملُ في طيَّاتكَ ألفَ نصيبْ

 

تُرى، هل تسمعُ نداءَ القلوبْ؟

أم أنَّك تسبحُ في بحرٍ بلا ذنوبْ

تُضيءُ لنا دروبًا لا نعرفها

وتنثرُ علينا ضوءكَ بلا عيوبْ

 

يا نجمًا صامتًا، كم مرَّ من زمانْ

وأنتَ في عليائكَ بلا عنوانْ

كأنك تحملُ وجعَ العصورْ

وتروي قصّةَ روحٍ بلا ألوانْ

 

أيا نجمَ الليلِ، أنتَ الغريبْ

في قلبِكَ الحزنُ، وفي روحكَ اللهيبْ

كم من روحٍ قد رافقتكَ ليلًا

وكم من حلمٍ تاهَ خلفَ المغيبْ

 

يا نجمًا أسودَ، هل لنا من لقاء؟

أم أنَّك خُلقْتَ لتكونَ الفناءْ؟

نبحثُ عنكَ في ظلامِ المساء

وكأنكَ رجاءٌ لا ينتهي في البقاء

 

في صمتكَ يسمعُ القلبُ النداء

ويجدُ فيكَ ملاذًا بلا انتهاء

كأنَّك مرآةٌ لكلِّ عاشقٍ

يرى فيكَ نفسهَ بينَ الضياء والسماء

 

يا نجمَ الأحزانِ، يا ضوءَ البعيدْ

أنتَ في السماء حبيبٌ ووحيدْ

سنظلُّ نكتبُ فيك القصيد

حتى نلقاكَ في حلمٍ جديدْ

 

يا نجمًا أسودَ، فيك الحكاياتْ

وفيك الأماني وآهاتُ الأوقاتْ

أنتَ سحرٌ في ليلٍ لا يُبصرْ

وقلبٌ هائمٌ بينَ الأمنياتْ

 

قد تظلُّ في الأعالي، بعيدًا عنَّا

لكنَّ نوركَ يبقى في قلوبنا

تسافرُ عبر الزمنِ، وحيدًا، سرمديًا

وكلُّ حلمٍ يُعانقُك في العيونْ

 

يا نجمُ، كم من ليلٍ قد طوى

قلبَك المنفردَ في بحرِ النوى

تُشرقُ في صمتٍ، وتَخفِقُ وحدكَ

كأنَّك روحٌ تبحثُ عن الدَّوا

 

تحملُ في بريقِك أوجاعَ السماءْ

وتروي قصصَ الصمودِ والفناءْ

كأنَّك رمزٌ لمن قاومَ القدرَ

ورفضَ أن يَطويهُ صوتُ النداءْ

 

يا نجمُ، كم من عاشقٍ في الظلامْ

يترقَّبُ نورَك وسطَ الآلامْ

ينتظرُ منك جوابًا لشكواهُ

فهل تحملُ الأملَ بينَ الأنغامْ؟

 

أم أنَّك مثلُه تَئنُّ في الخفاءْ

وتَحملُ جُرحَك بلا انتهاءْ؟

 

 

تُرى، هل تبقى في العتمةِ الأبدية؟

أم ستأتي يومًا، تُضيءُ في الذكرى؟

 

ففي كلِّ مرةٍ ننظرُ إلى السماء

نتذكَّرُكَ كحلمٍ عابرٍ في الفضاء

 

يا نجمًا أسودَ، عذرًا إذا أزعجناكْ

ففي حبِّكَ وجدنا دواءً لكلِّ جراحْ

لن ننساكَ، حتى وإن تباعدنا

ففيك الذكرياتُ، وفيك الوجدانْ

 

فلتبقى نجمًا في ليلنا الغامضْ

سراجًا يُنيرُ دروبَ العاشقينْ

وسنظلُّ نبحثُ عنكَ في الأفقْ

مع كل صرخة طفل ومع كل بشارة ولد 

حتى نلتقيكَ في سماءِ الأبد

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

رفقا أيها الهائم شوقا مالى أراك
فى سماء العشق تسبح بلآ هواد
رفقا بمن تئن قلوبهم بحثا عن ضياء؟
لقد أخذت هذة الكلمات قلبى قبل
عقلى اما قلمى فهو عاجزا عن الوصف
بالكلمات!👏
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

شكرا أستاذتي العزيزه على الاطراء اخجل من الكتابه أو الرد بحروف هزلة أمام شخص مثلك ولك كل الاحترام والتقدير
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة