خاطرة "المشاعر متباينة بين طرفين".. خواطر اجتماعية

هل البعد نوع من الجفاء، أم هدنة لتجديد المشاعر التي طالها الملل؟ هناك تضارب بين الرأيين؛ كل طرف يؤكد أنه صاحب الرأي الصائب، وينحاز إلى رأيه بقوة، كما يدافع عنه بشراسة. وإن كنتُ أميل إلى أن البعد علامة صحية لأنه يعطي مساحة من الهدنة التي تبرز مدى قوة المشاعر.

السؤال المطروح هنا يركز على تفسير مفهوم "البعد" في العلاقات الإنسانية، وهل هو نوع من الجفاء أم فرصة لتجديد المشاعر؟ يمكن النظر إلى هذا الموضوع من زاويتين مختلفتين، كل واحدة لها مبرراتها.

من جهة، يمكن اعتبار البعد نوعًا من الجفاء إذا تم تبريره بمبررات غير منطقية، كالغياب المفاجئ دون حجة يقبلها العقل أو المنطق، مثل الابتعاد دون إبداء سبب أو يصاحبه حجة واهية، تجعل أحد الأطراف يفهم منها أنه قد انتهت كل العلاقات أو هي في طريقها إلى الدمار. في هذه الحالة، قد يؤدي البعد إلى فتور العلاقات وتدهورها، لأن تواصل الغياب يزيد من الجفوة النفسية ويجعل الطرفين يبتعدان عاطفيًا.

وقد يكون بمنزلة "هدنة" لإعطاء الفرصة لكل طرف للتفكير العميق وتجديد مشاعره التي طالها الملل لأنها تحركت دون هدف واضح.

في بعض الأحيان، تكون العلاقة بحاجة إلى مساحة كي لا تصبح مُرهقة أو مملة. هذا الفاصل الزمني يمكن أن يُعيد للطرفين تقدير العلاقة من جديد، ويرتقي بمشاعرهما بعيدًا عن الروتين اليومي أو الخلافات المستمرة التي تجتاح كل لقاء لتشبث كل طرف برأيه دون تنازلات. هذه المسافة تُتيح لكل طرف فرصة للنمو الشخصي، وتوضيح ما يحتاج إليه من الآخر، وقد تساعد على استعادة الحماسة والاهتمام.

هنا الابتعاد بمنزلة فرصة لخلق جسور للتفاهم والاتفاق بين الطرفين، ويمكن أن يكون له دور إيجابي. ولكن إذا كان البعد مفروضًا على نحو مفاجئ أو دون تفسير، فقد يتسبب في قلق أو تدهور المشاعر.

إلا أنني أرى أن البعد علامة صحية في بعض الحالات. المهم هو أن يكون هناك تواصل مستمر حول سبب البعد، وتوضيح الهدف منه. في النهاية، يعتمد ذلك على نية الطرفين وكيفية تعاملهما مع هذا الفاصل الزمني.

لأن هناك مشاعر يحكمها عدم الانضباط وتكون مثل الفيضان المفاجئ الذي ينجرف دون هوية واضحة، يكون عنصرًا من العناصر اندفع على نحو عاطفي، لكن العنصر الآخر قابله بالصد لأن الجوانب العاطفية بين الطرفين ليست متماثلة، ما يترتب عليه سوء الفهم وضيق الصدور بين الطرفين.

في مثل هذه الحالة، يصبح الحديث عن التوازن العاطفي أمرًا جوهريًّا. لأن في بعض الأحيان، تندفع تيارات من العواطف غير المتوازنة لدى أحد الأطراف كرد فعل لضغوط خارجية أو داخلية، أو ربما بسبب مدة من الغياب أو الاشتياق. لكن هذه المشاعر "الجارفة" قد لا تجد لدى الطرف الآخر التفاعل نفسه، إما بسبب أنه لم يكن في نفس "الموجة العاطفية"، أو ربما لأن مشاعره لم تكن بنفس القوة أو الحدة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة