خاطرة "اللَّذة المريرة"ج10.. خواطر وجدانية

أعمدة الحب المنهارة..

غالبًا ما يكون في الحب طرفان؛ طرف يؤيِّد، وطرف يعارض. فأما الطرف المؤيِّد تكون منه السخافة أحيانًا، إذ يكون الحرص منه على تأييد مفرط إلى حد أسوأ، ويبدو منه ما يلمح لمحة سلبية في عالم الحب. والطرف المعارض تكون منه وجهة النظر في بلوغ هذا الحب المرام في الوقت المتوقع. والسماع لهذين الطرفين يكون به انهدام هذا الصرح العملاق المتماسك...

فقد كان الطرف المؤيد أصدقاء الرجل المحب، فيسعون إلى بث المشاعر السخيفة فيه حتى يخسر قلب المرأة التي يعشق في دنياه، وهؤلاء الأصدقاء في أزياء الأعداء لمن له التأمل والتفكر الثاقب، ويصعب أن يُشخَّصوا، أو يُعرَف ما في ضمائرهم من الأحاسيس الجامدة التي لا حياة فيها. والطرف المعارض يكون هو العدوَّ أو الواشي الذي لا يريد أن ينمو هذا الحب في قلب العشيقين، فينقل أفكارا مخربة لهذا البناء الشامخ...

إن كلا الطرفين نافعان فيما يبدو، ولا غنى للعشيقين عنهما، فالواشي ينقل المزيفات عن غير مصدر، فيزيد الحب في العاشق والعاشقة، وتقوى عرى هذا الحب، وأحيانا ينقل الواشي الخزعبلات من غير تواتر. والصديق الذي ليس عدوًا ولا واشيًا، يحاول أن يزيد مقدار هذا الحب، فيحصل العكس أحيانًا، إذ يشترط على العاشق شرطا لا يطيقه أبدًا، ولا يدري أن بهذا التحميس ينقص الحب، فإذا لم ينتبه العاشق فإنه سيتدهور بنيان حبه لهذه العاشقة، ويذبل قلبه من غير شعور، ويأفل نجمه دون انتباه وحذر....

***

هكذا كانت نهاية الدِرَاما بيني وبينها، وهكذا هدَّ تداخلُ أصدقائي البالغ أساس هذا الحب، حيث يحاولون زيادة الحب، ولكنهم لم يعرفوا أن بهذه الطريقة السخيفة يخبو الحب في قلبها، إذ كانت تقول كلَّما تفاعلت وامتثلت بأوامر هؤلاء الأصدقاء: لستَ أنت في هذا الهيكل، وليست هذه الأفعال منك، وأنا واثقة بأنك قد تغيَّرت نهائيًا، ولم يكن هذا دأبك قبلُ، بل وراء الكواليس أناس يفعلون هذا، ولكنهم لم يعرفوا أن هذا كابوس، وأن نهاية الدراما ستكون مأساويةً، ولا أدري لماذا صارتْ هذه التصرفات من طباعك بعد، وعلمي بك يوحي أنك لم تكنْ أبا عذر هذه الأفكار؛ لأن هؤلاء الذين يجعلون فيك هذا الفعل لم يعرفوا أنهم قد كسروا باقة الحب، وهدموا أبنية الحب المتراصة، وليتك تفكر في عاقبة هذا الأمر؛ لأنك لن تنتفع به في النهاية، وأحذرك خوف الويلات التي ستعقب هذا الأمر الشنيع. وما زلت أحبك في قلبي، ولكنك عكست هذه المرآة التي أرى نفسي فيها، وأبدو فيها الآن شوهاء بعد أن رأيت نفسي فيها حسناء، ولعلك تدرك الحقيقة إذا ضيَّعتَ الذهب، وسأتهكم عليك، وأقول لك في نهاية المطاف ونهاية الشوط: الصيفَ ضيَّعْتِ اللبن!

هذه ثقتُها بي، وهذه غاية علمها بي، وهذا إصرارها، وإنذارها، ولكن ما أجدى.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
Mar 27, 2023 - رايا بهاء الدين البيك
Mar 27, 2023 - أسماء السيد خشبة
Mar 26, 2023 - خوله كامل عبدالله الكردي
Mar 26, 2023 - عادل عبدالستار العيلة
Mar 26, 2023 - ابراهيم عبدالرحيم ابراهيم
Mar 26, 2023 - فتح الرحمن محمد أحمد عثمان
Mar 26, 2023 - خوله كامل عبدالله الكردي
Mar 26, 2023 - سمر ممدوح عبداللاه
Mar 23, 2023 - ابراهيم عبدالرحيم ابراهيم
Mar 20, 2023 - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
Mar 19, 2023 - زكريا مرشد على حسن الشميري
نبذة عن الكاتب