خاطرة "القناع".. خواطر اجتماعية

إن من الأمور التي يسعى إليها الإنسان السَّوي والذي يراعي ربه في سرِّه وعلنه، هي أن يحافظ على ما آتاه الله من نعم خفية كانت أو ظاهرة، وأن لا يحاول أن يُغَيِر فطرته التي فطره الله عليها والتي تحمل معانٍ جمة من إنسانيته وآدميته والتي هي عماد روحه وعقله.

إن كل محاولة من الفرد أو حتى سعيه إلى قلب موازين خلقها الله تعالى بداخله، سيقوده حتمًا إلى الضياع كالرُبَان الذي فقد اتجاهه وهو في خضم رحلته البحرية؛ لأنه ببساطة فقد البوصلة فتراه يجيء يمنة ويُسْرى ولا يستقر على وجهته من أجل العودة إلى الشاطئ.

وهو مثال حي لا يدعو للمراوغة لذلك الإنسان الذي أُبْتُلي والعياذ بالله بالتيه الذي أصاب قلبه وروحه التي هي أساس الفرد قبل جسده، هذا الأخير الذي مهما أصيب برضوض فهو قابل للترميم لا محالة، أما أن تُصَاب روحه ولو بخدش فإنه لا يصبح من المحسودين على الإطلاق، بل ندعو له بالعافية وكان الله في عونه.

إن هذه المقدمة المتواضعة تقودنا حتمًا إلى كمية الأقنعة التي يرتديها الفرد الضعيف لكي يستطيع أن يُكْمِل مسيرته الحياتية، والتي هي من البساطة بما كان لو يدرك كُنْهَها، وهي النية الحسنة وقليل من التواضع والكثير الكثير من القرب لله تعالى، فيغدو الإنسان سليمًا روحيًا وجسديًا.

أما أن يتمسك بالقناع الذي يرتديه ولا يسعى أبدًا إلى نزعه فهي الطامة الكبرى، فتراه كالحيران الذي لا يهتدي لطريقه؛ لأن الأقنعة التي طالما ولا يزال يرتديها جعلته في النهاية دون وجه.

حقيقة هو موضوع خطير وعلى المؤمن أن يتفطن إلى العوامل الخارجية التي من الممكن أن تسحبه إلى الأسفل والتي تكون سببًا إلى تبني أقنعة شتى وذلك بغرض ارتدائها عند اللزوم، التي أراها من الأمور التي تهوي به إلى قاع الجُبْنْ وكل الصفات المنبوذة.

وبالرغم من ذلك فإن مسؤولية الفرد لا يجب تحييدها لأن خالقه فطره على الخير ووهبه وجهًا واحدًا وكل ما هو جميل، لكنه اختار أن لا يكون على سجيته بل استهواه التلون كتلك الحرباء التي تأخذ لون المكان الذي تقف فيه.

وتبقى إرادة الفرد هي الفيصل لأنه من غير المعقول أن يُجْبَرَ أحدهم على فعل ما يسيء إلى فطرته، فهو يملك كامل الإرادة لنفض غُبَار الذل والمهانة عن نفسه، أو أن يُبْقِي على روح ذليلة ومنصاعة لأهوائه التي تبقى دائمًا متعطشة ولن يرويها أي منبع تقصده، إلا إذا كان منبعًا صافياً ومُصَفَى وهو منبع المولى عز وجل يرتوي منه فَيَضْحَى وكأنه لم يظمأ أبدًا.

إضافة إلى أنه يصبح منبوذًا من طرف أقرانه ويفقد الكثير الكثير من هيبته حتى يصبح مُحْتَقِرًا لنفسه ويصبح التأنيب الذاتي هو سيد الموقف، والإسلام السمح قد صنف هذه الفئة من الناس في خانة المنافقين والعياذ باللَّه.

إن هذه الأمور التي نصادفها يوميًا في حياتنا لهي جرس إنذار لكل مُبْتَعِدٍ عن فطرته، أو حتى لمن تراوده نفسه عن ذلك، والفرد ذو الوجهين أو أكثر تراه يبذل ذلك المجهود الكبير الذي يعتقد أنه سيوصله لمراده، لكنه ليس بحاجة أبدًا لذلك التملق والتزلف لكي يكون من المقربين، بل بالعكس فهو يرسم لنفسه طريق المهانة والذل يمشيه مادامت نفسه تعيش الضياع.

الحياة مدرسة، وأسعى دومًا إلى النظر إلى الخير الذي يسكن البشر 💫🪐🪄 وكثيرًا ما يدفعني قلمي نحو الكتابة،فأجد نفسي وسط قصة أو رواية.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
ديسمبر 2, 2023, 8:20 ص - سندس إبراهيم أحمد
ديسمبر 2, 2023, 7:52 ص - نور الدين شعبو
نوفمبر 30, 2023, 11:37 ص - سمسم مختار ليشع سعد
نوفمبر 29, 2023, 2:41 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 29, 2023, 8:24 ص - غزلان نعناع
نوفمبر 29, 2023, 7:31 ص - سادين عمار يوسف
نوفمبر 28, 2023, 7:06 ص - أسماء مداني
نوفمبر 27, 2023, 2:42 م - براءة عمر
نوفمبر 27, 2023, 1:17 م - عزوز فوزية
نوفمبر 27, 2023, 11:52 ص - سيرين غازي بدير
نوفمبر 27, 2023, 11:03 ص - سيد علي عبد الرشيد
نوفمبر 27, 2023, 6:34 ص - بشرى حسن الاحمد
نوفمبر 26, 2023, 2:58 م - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 2:24 م - إبراهيم محمد عبد الجليل
نوفمبر 26, 2023, 10:15 ص - ايه احمد عبدالله
نوفمبر 26, 2023, 9:51 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
نوفمبر 26, 2023, 9:27 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 8:03 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:52 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:35 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:01 ص - محمد بخات
نوفمبر 26, 2023, 6:32 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 23, 2023, 12:46 م - رانيا بسام ابوكويك
نوفمبر 23, 2023, 10:41 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 23, 2023, 9:02 ص - سيد علي عبد الرشيد
نوفمبر 23, 2023, 8:28 ص - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
نوفمبر 23, 2023, 7:26 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 22, 2023, 2:20 م - محمد سمير سيد علي
نوفمبر 22, 2023, 2:00 م - عبدالخالق كلاليب
نوفمبر 22, 2023, 6:45 ص - محمد بخات
نوفمبر 21, 2023, 8:51 ص - مدبولي ماهر مدبولي
نوفمبر 20, 2023, 7:41 ص - هاجر فايز سعيد
نوفمبر 19, 2023, 1:27 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 19, 2023, 1:07 م - محمد بخات
نوفمبر 19, 2023, 12:07 م - أسرار الدحان
نوفمبر 19, 2023, 11:06 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 19, 2023, 10:03 ص - فاطمة محمد على
نوفمبر 19, 2023, 7:49 ص - شاكر علي احمد عبدالجبار
نوفمبر 18, 2023, 11:36 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 10:56 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 8:09 ص - شيماء عبد الشافي عبد الحميد
نوفمبر 17, 2023, 7:32 م - سادين عمار يوسف
نوفمبر 17, 2023, 6:13 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 16, 2023, 8:30 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 15, 2023, 7:11 م - عبدالحليم ماهاما دادولا عيدالرحمن
نوفمبر 15, 2023, 6:01 م - كامش الهام
نوفمبر 15, 2023, 2:57 م - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 15, 2023, 12:21 م - ساره محمود
نوفمبر 15, 2023, 11:00 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 15, 2023, 9:50 ص - ميساء محمد ديب وهبة
نوفمبر 15, 2023, 8:56 ص - حسن خليل سعد الله
نوفمبر 15, 2023, 7:54 ص - عمرو عبد الحكيم عوض التهامي
نوفمبر 14, 2023, 4:39 م - رزان الفرزدق مصطفى
نوفمبر 14, 2023, 4:16 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 14, 2023, 3:45 م - أحمد محمد فودة
نوفمبر 14, 2023, 1:22 م - شهير عادل الغاياتي
نوفمبر 14, 2023, 9:41 ص - أسماء مداني
نبذة عن الكاتب

الحياة مدرسة، وأسعى دومًا إلى النظر إلى الخير الذي يسكن البشر 💫🪐🪄 وكثيرًا ما يدفعني قلمي نحو الكتابة،فأجد نفسي وسط قصة أو رواية.