خاطرة "الصمت مفتاح الاستقرار".. خواطر وجدانية

في بعض الأوقات، يعاني الإنسان من تقلبات مزاجية حادة، حيث يشعر بالضياع أو الاضطراب الداخلي، وتكون هذه الحالة وليدة ضغوط الحياة أو تحديات معينة. في مثل هذه اللحظات، يأتي بعض من يحاول إقناع الشخص المتألم بالحديث عن مشاعره أو ما يعكر صفوه، معتقدين أن الحديث هو السبيل الوحيد للتخلص من هذا الاضطراب.

لكن الحقيقة تأتي على النقيض من ذلك تمامًا. ففي بعض الأحيان، يكون الصمت هو الحل الأمثل. يوقن البعض أن من الضروري فتح باب الحوار ومناقشة المشكلة أو المواقف التي تعكر صفو هذا الشخص، وهم لا يدرون أن الضغط على الشخص المتألم ليتحدث قد يزيد من شعوره بالضيق وعدم الارتياح، فالبعض لا يجد راحته في الحديث في تلك اللحظات، بل يشعر بأن الكلمة قد لا تكون كافية لوصف ما يمر به.

من هنا، يمكن القول: "إن الصمت أداة تعبيرية في مثل هذه الحالات مهم للغاية، لأنه ربما يكون هذا الشخص في حاجة ملحة إلى وقت ليجتمع فيه مع نفسه ويعيد ترتيب أفكاره ومشاعره". في بعض الأحيان، يحتاج الإنسان إلى الراحة النفسية عن طريق الانعزال مدة قصيرة، بعيدًا عن أي تدخلات أو محاولات للإقناع بالكلام.

إن إكراه الشخص على الكلام في لحظات معاناته قد يؤدي إلى نتائج عكسية، حيث يزداد الإحساس بالإرهاق النفسي، في حين يمكن للصمت أن يكون بمنزلة الملاذ الذي يساعد الشخص على إعادة التوازن الداخلي. ففي الكثير من الأحيان، قد يشعر الشخص بالراحة فقط بعد أن يمر بعض الوقت، ثم يجد نفسه في لحظة مفاجئة قادرًا على التحدث بمفرده عن كل ما يزعجه، حينما يكون مستعدًا لذلك.

لذا، فإن تقديم الدعم ليس دائمًا في إصرار الشخص على التحدث، بل قد يكون في إتاحة الفرصة له للسكوت والتأمل. علينا أن نثق بأن كل شخص يمتلك مفاتيح راحته الخاصة، وأنه في بعض الأحيان يحتاج الشخص إلى وقت ليصغي إلى نفسه ويجد الطريق الذي يناسبه للخروج من هذه الحالة المزاجية غير المستقرة. في بعض الأحيان، يبدو أن من يحاول مساعدتنا في الخروج من هذه الحالة المعقدة، بواقع الإحساس بالمسؤولية أو الرغبة المخلصة في أن يكونوا جزءًا من عملية الشفاء. ولأن هناك العديد من الأشخاص في حالاتهم المزاجية المضطربة يفقدون القدرة على التعبير عن أنفسهم بالكلمات.

وبذلك، يكون الضغط عليهم أكثر ضررًا من النفع؛ لأنهم لا يشعرون بالراحة عند الإفصاح عما يجول داخلهم، ويفتح أمامهم أبوابًا قد لا يكونون مستعدين لمواجهتها في تلك اللحظة. قد يشعر الشخص المزعج بالذنب إذا لم يستطع العثور على الكلمات المناسبة، أو قد يزيد الضغط عليه ليبدو أكثر صدقًا أو شفافية في الحديث عن مشاعره.

الصمت، في المقابل، ليس فقط غياب الكلام، بل هو أداة يمكن أن تسهم في الشفاء النفسي. في لحظات الاضطراب الداخلي، قد يكون الإنسان في حاجة إلى الهروب من الكلام والضوضاء الخارجية، لكي يركز على مشاعره الخاصة ويمنح نفسه فرصة لإعادة ترتيب أفكاره.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة