خاطرة "الصمت".. خواطر حزينة

حين تُسرَق منك أجمل سنوات العمر وأنت لا تستطيع أن تفعل شيئًا، والآخرون يشكلون مصيرك وكأنك قطعة منحوتة لا تستطيع إلا الصمت، والصمت هنا هو أعلى مراتب الـ"لا". لا لكل شيء، حتى لوجودك، ولكن أين هو وجودك؟ حتى هذه لن تستطيع أن تقولها. هكذا كان حال فريدة حين دقّت زوجة عمها الباب كي تطلبها لابن عمها، هذا الذي تربى منذ نعومة أظافره على الغلظة والقسوة. هذا كل ما يعرفه في الحياة؛ أن الرجل هو الرجل، هو كل شيء، والمرأة في نظره لا شيء. وعلى فريدة أن تقبل بالزواج منه ولا تقول شيئًا، فهذه هي سمات الفتاة الريفية في كل شيء؛ ألا تقول شيئًا، فهي رمز للطاعة والخضوع.

ولكن فريدة أرادت أن تقول في هذه المرة "لا"... لا لهذا الأمر فقط يا أمي، لا يا أبي. أنا لا أتحمل العيش معه، أنا لا أطيق حتى سماع صوته، فكيف يا أمي يكون لي زوجًا وحبيبًا؟ كيف يجمعنا دار وتنغلق عليّ ذراعاه؟ كيف أسمح أن يقبلني وأنا منه مشمئزة؟ كيف أسمح لعينيه أن تتطلعا في جسدي ويداه تتحسسان شعري؟ كيف أنتمي له وأنا حتى لا أنتمي لنفسي؟ أمكِ يا ابنتي قليلة الحيلة مثلكِ، كيف أجرؤ أن أقول لأبيك هذا الكلام؟ وهل يقبل أخوك أن تقولي لا؟ اقبلي يا ابنتي، وبعد الزواج يأتي الحب.

وجاءت ليلة الزفاف مسرعة على حصان القهر، وتجمعت حولها النساء. وحينها ساد الصمت، ولا شيء سوى الصمت. وسال بعدها الدمع. يا ترى أي دمع هذا الذي سال؟ أهو دمع القلب القتيل بسلاح القهر؟ أم هو دمع العين المكحولة بعتمة الظلم؟ أم هو دمع اللسان المربوط بلجام الخوف والصمت؟ نعم، كل شيء أضحى في فريدة قتيلًا: الضحكة أضحت قتيلة البكاء، الطفولة لبست ثوب النساء، الجسد الغض كُفِّن ليلة الزفاف، والصوت الرقيق أضحى صراخًا. وبعد عشرة من الأعوام وستة من الأولاد، تساءلت: كيف مرت على فريدة هذه السنوات؟ ضحك الجنون وأجاب الصمت الرهيب! كل شيء في فريدة مات، حتى الموت نفسه مات. وليس هناك موتٌ للأموات! الناس تموت مرة، وفريدة ماتت قبل الموت بزمان!

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

مرحبا من جديد صديقتي العزيزة سعاد صادق، خاطرة رائعة ومتميزة، رغم ما تحمله من آلام، لكن تكفي كل أم ابتسامة تراها في عيون أطفالها، فالسعادة هي القدرة على العطاء، دمتي متفوقة ومتألقة، ودمتم بخير وسلام وسعادة.
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

كل الشكر والتقدير لك حبيبتى
دمتى صديقتى المخلصة ❤🌹🌹
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

الأجمل هى كلماتك الرقيقة
🙏❤🌹
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

كما العادة تطل علينا كاطلالة البدر عند كماله...و صمته و اه من صمت يتكلم عما يتكلم...انت بدر لكن صمته شعر...و ما أحوجنا لضياء البدر كمشاعرك الصامتة. ❤👍
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

كل كلمات الشكر عاجزة عن مدى
امتنانى وسعادتى بهذا الوصف
الجميل المحفذ أشعر وكأنى أميرة
تُتوج على عرشها، 🙏❤🌹
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

انت اميرتنا منذ " كلمات " ❤
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

رائع .. كلمات معبرة في مكانها الصحيح و صرخة أنثى تعبر عن الملايين هنالك .. أعتقد أن فريدة محظوظة أن تعبري عنها بكلماتك المؤثرة ..
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

الرائع هى كلماتك الجميلة
اذدات صفحتى اشراقا بمرورك
❤🙏
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

الرائع هى كلماتك الجميلة
اذدادت صفحتى اشراقا بمرورك
❤🙏
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

إختصار اللاإنسانية فى رداء الصمت. إختصار يعبر عن جهل وعدم ثقافة الكثير من البشر بغض النظر عن كم الشهادات الجامعية حبيسة الأدراج لتطغى عليها التقاليد والأعراف .سلمت يداكِ
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

اشكرا استاذى الفاضل
لهذا الدعم أشرقت صفحتى
بمرورك الكريم 🙏🌹
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

موضوع في غاية الأهمية، وتطرق جميل.
بالأمس في مناطق جبل صبر- اليمن تعز، فتاة ترفض الزواج من شخص، والأسرة تريد تزويجها غصبًا، ورفضت، فقوم 3 أخوتها بتسميمها وتوفت.. 💔
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

وهذة أيضا قصة من واقع الحياة
المرير ومازلنا نعانى منها حتى عصرنا
هذا ؟ تشرفت بك وبكلماتك
المحفذة استاذى الفاضل ❤
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

تحية منى لأهل اليمن
هذا البلد الذي أعشق أرضه
بداية ومهد كل الحضارات 🙏
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

واااو مقال رائع .كُتب بعناية من طرف أنامل مبدعة و عقل منفتح للعالم ..أذهلني مقالك حقا ...استمري ..
بالمناسبة ان شاء الله تكوني بألف خير ..🥰
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

حبيبتى الجميلة عندما لآ أجد تعليق
منك ثقى أنه ينقصنى الكثير من الدعم
المعنوى ❤🙏🌹
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

شكرا صديقى يا صاحب الزوق الرفيع
🌹🌹❤
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

كلمات رائعة صديقتي ... بانتظار المزيد من ابداعك
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

شكرا حبيبتى مرورك هو الأروع 🙏❤
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

قلمك يتقمص دور مشرط ويشق عن صدر المجتمع ويعالج قضية مجتمعية لا يجروء أي جراح على مجرد تشخيصها
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

أصبت الهدف برميتٍ لفارس قناص
صاحب عقل منفتح ذو فهم خاص
حتى أن صاحب القلم من فرط جمال
ما خط القلم بات فى الرد حيران؟🙏🌹
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة