أنفقَ ما لو أنفق التاجر على تجارته، ربح مالاً في حياته دون خسارته، وسهر على فهم ما فهمُه متعبٌ، وعلى ما إدراكه صعب، ولبث سنوات لو لبثها مخطط جيد لم يخسرْ، ومكث في ذلك الميدان لو مكث مزارع في مزرعته بالويلات لم يجهرْ..
وتكبّد الجوع لو تكبده مشترك في شركة لم يكن في كبَد، وصار أياما لو صامه المتقرب إلى الله لم يكن على نكَد، واشترى كتبا لو جمع أسعارها مقاوِلٌ بنى قصورا، وأمضى في المكتبة أياماً لو أمضاها العابد في المسجد لوجد سرورا..
وكان كلَّما اختبر تمنى ألا تتدنَّى درجاتُه، وكلما دخل في المسابقة أراد لو ارتقت بها حياتُه، فلما امتاز، وإلى الأفضل انحاز، حمل شهاداته بحثاً عن العمل الإداري فما فاز، ووجه خطابات طلب العمل إلى المكاتب، ولكنه لم يكن محظوظاً في المكاسب، فصار يطلب العمل من متدَنٍّ لا يعرف الحساب، ولم ينو إلى الجامعة الذهاب، فأصبح يهدده بعد التوظيف - إذا تأخر بغير عذر - بنقص الرواتب.
والمدير المتدنّي المستوى يدفع له الراتب، بمطالبته بالشكر على الراتب المدفوع، وبمطالبته بأعمال خارج العمل المشروع، فجلس يوماً من الأيام يسأل: لماذا لماذا لماذا؟
الحرية في العمل منزوعة، والعبودية مزروعة، فمن لم ينقَد للمدير، عرف بعد ذلك سوء المصير، والمدير يظن نفسه يقدِّم راتباً أفضل لهذا الأجير، والأنظمة والقوانين في العمل قاصمة الظهر، والتهديدات سالبة الأجر.
فلو غاب يوماً عن العمل، عدَّه مديره شيئاً من الخلل، ويقول له لا راتب له في نهاية الشهر، وإن شاء المدثر لم يدفع إليه طولَ الدهر.
الشهادة تأهيل للاستعباد، والعذر طويق إلى الاضطهاد، والذي حرّر نفسه من الاستعباد والاضطهاد فهو بالغ المراد.
والشهادة إذا ارتفعتْ لم يكن هناك توظيف، وإذا انخفضت لم يكن هناك تشريف، فكم ممن ينافسون حاملي الشهادات فليس لهم بعد احترام تطفيفٌ.
والشهادة الجيِّدة مع التجارة الجيدة منجية، والشهادة بدون التجارة مُلهية. والاستفادة منهما سبيل إلى استقلال النفس، وطريق إلى وفرة الفلس. فمن طوّر فكرته التجارية لم يكن مطوَّقًا بنظام، ولا مقيَّدا بعدم احترام.
ستجد أيضاً على منصَّة جوَّك
- قطر تخسر أمام الإكوادور.. حفل الافتتاح يوضح أن بطولة كأس العالم لا مثيل لها
- هل هناك من يطالب برحيل هالاند من إنجلترا ؟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.