محمد أمين العجيلي مايو 24, 2023, 3:02 م

خاطرة "الدرع".. خواطر وجدانية

سريعة هي الأيام، بسرعة البرق تمر ومعها تتزايد الأرقام في عداد العمر.

البارحة طفل بريء لا يحمل همومًا، واليوم شاب يسعى جهدًا لبناء مستقبل زاهر وتحقيق الحلم، في الغد كهل ذو مسؤوليات ثم شيخ مليء بالذكريات والحكايات.

ذلك هو قطار الحياة، قطار سريع لا يركبه أحد للأبد، وإنما لكل امرئ محطة صعود ومحطة نزول، لحظة الصعود أمرها معلوم أما لحظة النزول فأمرها مجهول، لا أحد يعلم إن كانت رحلته ستقصر أم ستطول، لحظة الصعود يكون الناس سواسية أما عند النزول فتختلف الأمور.

الجميع سيرمي رميًا خارج القطار، فهناك من لن يسقط أبدًا ويبقى واقفًا على قدميه سليمًا معافًا، وهناك من سيسقط ويصاب بجروح طفيفة ثم يقف على قدميه، وهناك من لن يقف أبدًا، سيظل ساقطًا متأثر بجروحه البليغة.

أما من ظل واقفًا منذ البداية فبسبب متانة صلابة الدرع الذي صنعه داخل القطار، كذلك الذي سقط ونهض فدرعه الذي صنعه داخل القطار هو الذي حماه، صحيحٌ أنه أصيب بجروح لكن الدرع كان بالقوة الكافية ليحميه، أما الأخير الذي لم ينهض فهو الذي ظل مستمتعًا بالمناظر الطبيعية الخلابة من خلال النافذة فلم يصنع درعه متناسيًا أنه قد يرمى خارج القطار في أي لحظة.

تختلف المتانة والصلابة بين درع الأول والثاني لكن يبقى أصل الدرع واحد... إنه العمل الصالح.

حين ترمى من القطار ستجد نفسك في مدينة البرزخ، مدينة فيها ملايين من الناس أمثالك ولكن ستشعر أنك وحيد وذلك لسبب بسيط؛ لأن لكل شخص وقتئذ ما يكفيه من المخاطر، لن ينفعك ذلك اليوم سوى الدرع الذي صنعته في القطار، حين تجد نفسك في بيت التراب والظلام حالك من حولك والثعابين تسعى في كل مكان بالقرب منك لن ينفعك حين سوى عملك الصالح، قد أفلح من عمل صالح داخل قطار الحياة وقد خاب من لم يعمل صالحًا.

مدينة البرزخ لن يكون مكوثك فيها إلا مكوثًا مؤقتاً، ومن ثم تنتقل إلى وجهتك الأخيرة، هناك أين ستكون أمام مفترق طريقين، الأول سيفتح لك إن كان لك درع؛ لأن درعك مطبوع عليه كلمة السر التي تخول لك المرور، أما الطريق الثاني فستسلكه حين لا يفتح لك الأول، من سلك الطريق الأول خلد في راحة وهناء، ومن سلك الثاني فقد خلد في تعب وشقاء.

بقلم محمد أمين العجيلي

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.