كتبت في مقال سابق عن "الاختلاف" وطلب مني أستاذي الصادق جبريل الكتابة عن "الخلاف"، لذلك قرَّرتُ أن يكون هذا المقال عن الخلاف كما طلب مني، وسأكتبُ بحسب رؤيتي وتقديري للموضوع.
دائماً أقول إن في لحظة خلافنا مع أحد علينا ألا نجاريه في الحديث لأن مجاراة أي شخص ونحن في حالة غضب تجعلنا نفقده، فالكثيرون يحولون الخلاف إلى خصومة وليس محاولة فهم قصدنا إيصاله..
إن نجاتنا من خسارة أي إنسان تكون فقط في الصمت أو الرحيل، لذا علينا أن نحكم القلوب نتأنى ولا نمشي في طريق الخصام، وأن نحسن الظن فإحسان الظن يُطهِّر النفس من الشكوك والتماس الأعذار يغلق باب الخلاف، وثقافة الاعتذار تمحو الأخطاء وتجبر الأضرار وتُراضي النفوس، وفي رأيي إن التراضي يكون موروثاً من شخصيات متنورة الفكر ولا تجادل في خلافات الرأي سواء بدلالات أو بدونها.
لكن ليس هناك أفضل على الإطلاق من أن تكون حيادياً مع نفسك ومع من أنت في خلاف معه حتى لا يتحول الخلاف إلى فجوة تتسلل منها الهواجس والظنون إلى الذاكرة وتغرقها في ظلمة الغضب، والشك، والنكران، والجحود؛ فالنفس في لحظات الخلاف تتمادى وتسرع في الحكم على الطرف الآخر تحت ضغط دافع من الدوافع.. لذلك لا بدَّ من تنازل طرف ما.
عدم تسوية الخلافات في وقتها هو سبب تدمير العلاقات بين الناس فلو عوَّدنا أنفسنا على النقاش والحوار، وعلى ألا ينام أحدنا وفي قلبه مثقال ذرة من حزن، غل، حقد أو بغضاء على أحد لكانت المحبة في القلوب مُتجدِّدة وليست مبنية على حطام وآثار شد، وجذب، وخصامات نهايتها إحالة هذه العلاقات مع مرور الأيام إلى رميم لا يمكن إصلاحه، ويكون وقتها البعد أرحم من عيش ممزوج بالنزاعات، فكل ما يُبنى على أساس غير سوي مآله حتماً الزوال والاندثار.
أخيراً:
ستبقى لحظات الخلاف بيننا امتحان للوفاء، الصبر، وللود لأشياء جميلة إن نال منها الخلاف أصبحت عبارة عن غضب والغضب يجعلك تفقَد الأدب! والذاكرة دوماً تتأهٌب لذلك فتحجب الجميل، وتُظهر القبيح والسيئ، فتتأجج النار ولا تبقي للصلح مجالاً..
لكن مهما بلغ مدى الخلافات يجب أن تبقى العشرة محفوظة وعلينا ألا ننسى الفضل بيننا.
وتذكروا دائماً أن القوي من يملك نفسه عند الغضب رباطة الجأش وامتلاك زمام النفس من شأنها تخفيف حدة التوتر ورتق شقه الخلاف.
وتعلموا أن تنهوا خلافاتكم بالود والرحمة والصفاء ليكون دائماً هناك طريقاً للرجوع.
اقرأ أيضاً
- "وداعاً يا جدتي" قصة قصيرة واقعية
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.